ما حكم الحج؟

الحجّ ركنٌ من أركان الإسلام وفرضٌ فرضه الله -تعالى- على كلّ مسلمٍ قادرٍ بالغٍ عاقلٍ مرةً واحدةً في العُمر، وقد ثبتت مشروعيّته في القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع العلماء، فيما يأتي تفصيل الأدلة:[١][٢]

  • دليل القرآن الكريم: أوجب الله -تعالى- الحجّ في أكثر من آيةٍ، يُذكر منها: قوله -تعالى-: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)[٣]، وقوله:(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ).[٤]
  • دليل السنة النبوية: دلّت عدّة أحاديث نبويةٍ على وجوب الحجّ، منها: ما أخرجه الإمام مسلم من قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (أَيُّهَا النَّاسُ قدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الحَجَّ، فَحُجُّوا، فَقالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يا رَسولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حتَّى قالَهَا ثَلَاثًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لو قُلتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَما اسْتَطَعْتُمْ، ثُمَّ قالَ: ذَرُونِي ما تَرَكْتُكُمْ، فإنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ بكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ علَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بشيءٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ، وإذَا نَهَيْتُكُمْ عن شيءٍ فَدَعُوهُ)،[٥] وما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبيّ -صلّى الله علي وسلّم-: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ).[٦]
  • دليل الإجماع: أجمع العلماء على وجوب الحجّ على المسلم القادر مرةً في العُمر.


أحكامٌ متعلقةٌ بالحج

حكم الحج عن الغير قبل الحج عن النفس

لا يصحّ أداء الحجّ عن الغير قبل أدائه وإسقاطه عن النفس، فالمسلم مطالبٌ بإسقاط الواجبات في ذمّته قبل إسقاطها عن غيره، استدلالاً بما ورد عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: (أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم سمعَ رجلاً يقولُ: لبَّيْكَ عن شبرمة. قالَ: من شبرمةَ؟ قالَ: أخٌ لي أو قريبٌ لي. قالَ: حججتَ عن نفسِكَ؟ قالَ: لا. قالَ: حجَّ عن نفسِكَ ثمَّ حجَّ عن شبرمةَ).[٧][٨]


حكم الحج بالمال المسروق والمال الربوي

بيان حكم الحجّ بالمال المسروق والمال الربوي وما يترتب عليه فيما يأتي:[٩]

  • حكم الحجّ بالمال المسروق والمال الربوي: لا يجوز للمسلم الانتفاع بأي مالٍ ثبت أنّه من الأموال المحرّمة، فالسرقة محرّمةٌ بل كبيرةٌ من كبائر الذنوب والمعاصي، والربا كذلك أيضاً، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)،[١٠] وقال: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ)،[١١] وثبت في الصحيح عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ، دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ).[١٢]
  • ما يترتب على الحجّ بالمال المسروق أو المال الربوي: يسقط وجوب الحجّ وفرضه على مَن أدّاه بمالٍ مسروقٍ أو مالٍ ربوي، إلّا أنّه لا ينال الأجر والثواب من الله -سبحانه-، بل ينال إثماً، استدلالاً بما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: {يا أيُّها الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ واعْمَلُوا صالِحًا، إنِّي بما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}[المؤمنون:51] وقالَ: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ}[البقرة:172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟).[١٣]


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 171. بتصرّف.
  2. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 218. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية:97
  4. سورة البقرة، آية:196
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1337، صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:8، صحيح.
  7. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1811، صحيح.
  8. سماحة المفتي العام الدكتور نوح علي سلمان (2/12/2009)، "هل يجوز للمسلم أن يحج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه؟"، دار الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 13/10/2021. بتصرّف.
  9. لجنة الإفتاء (19/7/2016)، "حكم الحج بالمال المسروق والمال الربوي"، دار الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 13/10/2021. بتصرّف.
  10. سورة البقرة، آية:278
  11. سورة البقرة، آية:188
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2564، صحيح.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1015، صحيح.