يُعرّف الاستمناء بأنّه إخراج المني بغير جِماع،[١] وآتيًا في هذا المقال بيانٌ لحكمه وأثره على صحّة الصيام، وأقوال العلماء في ذلك.
هل الاستمناء يبطل الصيام؟
اتّفق جمهور الفقهاء على حرمة الاستمناء باليد سواءً في الصيام أم في غيره؛ لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْعَادُونَ)،[٢] والاستمناء يعتبر من الاعتداء المذكور في الآية لما يسببه من إشكالاتٍ لفاعلها،[٣]، ويطلق عليه البعض اسم العادة السرية،[٤] ويوجد قولان في حكم الاستمناء أثناء الصيام، وهما:
- القول الأول: اتفق أصحاب المذاهب الأربعة على أنّ الاستمناء باليد حرامٌ، ويؤدّي إلى بطلان الصوم ويوجب القضاء.[٥]
- القول الثاني: ذهب الشوكانيّ والصنعانيّ والألبانيّ إلى حرمة الاستمناء باليد؛ كقول الجمهور، ولكن خالفوهم بعدم إبطاله للصيام.[٦]
إنّ الاستمناء بابٌ من أبواب الشيطان يدخل منها للمسلم حتّى يضعفه ويجرّه إلى المحرمات، وفي حال انجرّ المسلم خلف شهوة الاستمناء؛ فالواجب عليه الغسل حتّى تتحقّق الطهارة؛ لأنّ فعلها يأخذ أحكام الجنابة من حيث اشتراط التطهّر منه حتّى تصحّ الصلاة؛ لفقدان أحد شروطها وهو الطهارة، أمّا الصيام فللجُنب أن يصوم؛ لعدم اشتراط الطهارة له، إلّا أنّ فعل ما يؤدي إلى نزول المنيّ يبطل الصيام، ويجب على من استمنى قضاء الأيام التي فعل فيها الاستمناء أثناء صيامه.[٧]
وسائل الاستمناء وأحكامها وأثرها على الصيام
حكم الاستمناء باليد وأثره على الصيام
تعتبر هذه الوسيلة من مبطلات الصوم وإن كانت دون جماعٍ؛ فقد أدى فعلها إلى نزول المني، ولا تجب فيها الكفّارة؛ لأنّها فعل صادرٌ من طرفٍ واحدٍ بخلاف الجماع الحقيقيّ، وذهب أبو القاسم من الحنفية إلى أنّه لا يبطل الصوم بالاستمناء باليد.[٥]
حكم الاستمناء بالنظر أو بالتفكير وأثره على الصيام
ذهب المالكيّة إلى أنّ الاستمناء بالنظر أو بمجرد التخيّلات ممّا يؤدّي إلى نزول المنيّ؛ لا يبطل الصيام، ولكنّهم قالوا ببطلان الصيام إن تكرّر النظر إلى ما يثير الشهوة، وذهب الشافعيّة والحنابلة إلى القول بطلان الصيام إذا تكرر الفكر أو النظر، أمّا الحنفيّة فذهبوا إلى عدم بطلان الصيام به مطلقًا؛[٨] مستدلين بما روي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من قوله: "إنَّ اللَّهَ تَجاوَزَ لِأُمَّتي عَمَّا وسْوَسَتْ، أوْ حَدَّثَتْ به أنْفُسَها، ما لَمْ تَعْمَلْ به أوْ تَكَلَّمْ".[٩]
التخلص من عادة الاستمناء
إنّ الاستمناء من العادات المحرّمة التي تضرّ بفاعلها وتكسبه إثمًا؛ لذا فإنّ على المسلم السعي على التخلّص منها، وذلك بأن يتوب إلى الله تعالى توبةً صادقةً، وأن ينوي الإقلاع عن هذا الفعل وعدم العودة إليه مرّةً أخرى، ومن الأمور المعينة على التخلّص من هذه العادة؛ غض البصر عن المحرمات والابتعاد عن الخلوة، وتعجيل الزواج؛ لما فيه من تهذيبٍ للنفس وحفظٍ للفرج، والانشغال بما هو مفيدٌ كقراءة القرآن وذكر الله والأعمال الصالحة؛ للابتعاد عن إغواء الشيطان.[١٠]
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 97.
- ↑ سورة المؤمنون، آية:5-7
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسامية، صفحة 1239.
- ↑ ابن باز، مجموع فتاوى ابن باز، صفحة 267. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 100. بتصرّف.
- ↑ أبو ذر القلموني، أحكام الصيام والقيام وزكاة الفطر، صفحة 38. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسامية، صفحة 1207. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 100. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6664، صحيح.
- ↑ محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 1823. بتصرّف.