حكم تحليل الدم للصائم

اختلف العلماء في حكم إفطار الصائم بسبب تحليل الدم وذهبوا في ذلك إلى قولَين بيانهما آتياً:[١]

  • جمهور العلماء من الحنفيّة والمالكية الشافعية وأكثر الحنابلة: قالوا إنَّ سَحب عيّنةٍ الدم لتحليلها للصائم لا تُفَطِّر وهي جائزةٌ؛ فليس فيها إدخالُ شيءٍ للجوف والدم الخارج قليلٌ لا يُفسد الصوم واستندوا على صحة صيام من سُحِبَ منه عينة الدم لتحليها بالذي قُطِع شريانه ليخرج منه الدمَ الفاسد أي ما يسمى بالفصد فالدم الذي يخرج يكون قليلاً، ولا يعدُّ كذلك من المفطرّات فقاسوا أخذ عينة الدم من الصائم لفحصها عليه، وقالوا بكراهة سحب الدم إن كان ذلك يضرُّ الصائم ويضعفه ويؤذيه، وإلى القول بعدم فساد الصيام بسبب تحليل الدم ذهب عددٌ من العلماء المعاصرين؛ كابن باز، والقرضاوي، وابن عثيمين، ومحمد البار، وحسان باشا، والمجمع الفقهي، استدلالاً بأن كمية الدم قليلةٌ، وأنّ الفساد يتحقّق ممّا دخل وليس ممّا خرج.[٢]
  • بعض الحنابلة: قالوا إنّ تحليل الدم مفسدٌ للصوم قياساً على الحُجامة التي تُفسد الصيام لأنّها تُخرج كميةٌ كبيرةٌ من الدم.


ما حكم نقل الدم للصائم؟

تطرّق العلماء إلى بيان حكم العديد من المسائل المعاصرة والمستجدة التي لم يرد بيان حكمها في كتب الفقه القديمة، ومن تلك المسائل مسألة فساد الصيام بسبب نقل الدم للصائم إن احتاج له، كأن يَحصل معه نقصٌ للدم أو نزيفٌ فيلزم نقل الدم له، وفيما يأتي تفصيل حكم تلك المسألة وبيان خلاف واقوال العلماء فيها:[٣]

  • القول الأول: صرّح كلٌّ من الشيخ ابن باز، والشيخ عبد العزيز آل الشيخ، والشيخ محمد بن إبراهيم التويجري وغيرهم بأنَّ نقلَ الدم للصائم مُفسدٌ للصيام ويعدُّ من المفطرات، وعلّتهم في ذلك أنَّ الدم خلاصة الغذاء الذي هو من المفطرات، ولكون الدم الداخل للبدن تتحصّل به قوةٌ للبدن وهو ما يتحقّق أيضاً بالطعام والشراب.
  • القول الثاني: قال كلٌ من الشيخ ابن عثيمين والشيخ أحمد حطيبة والشيخ الدكتور خالد المصلح وغيرهم إنّ نقل الدم لا يُفَطِّر لكونه لا يُعدُّ أكلاً ولا شرباً ولا يتشابه معهما من أيّ وجهٍ، فتقوية البدن أو تغذيته هي إحدى المقاصد المتأتية من الطعام والشراب وحصولها للصائم بغير الأكل والشرب لا يحصل به الفطر، والأصل بقاء صحة الصوم حتى يتبين فساده؛ فاليقين لا يزول بالشك.


ما ضابط المُفطرات المفسدة للصيام؟

اختلفت مذاهبهم فيما يرد من غير الطعام أو الشراب من غير المنافذ المُعتادة لهما سواءً كان مغذّياً أم لا؛ كالحُقَن مثلاً، وما يصل الجوف من غير الغِذاء، كالحَصى، وما يصل إلى الدماغ دون المعدة، وتالياً بيان ما ذهب إليه كلّ مذهبٍ من المذاهب الأربعة في تحديد ضابط المفطرات:[٤]

  • الحنفية: قالوا إنَّ كُلَّ ما وَصَل للجوف أو للدماغ عبر المنافذ الأصليّة يعدّ مفطراً؛ كالأنف أو الأُذن، باختلاف وسيلة وصولها إن كانت قطرةً أم حقنةً وغير ذلك.
  • المالكية: قالوا إنّ كلّ ما وَصَل المَعِدة من منفذٍ عالٍ عنها؛ كالحَلْق، أو الأنف، أو العين، أو الأُذن، وحتى وإنْ كان ممّا لا يُتغذّى به؛ فإنَّه يُعدّ مُفطراً، أمّا في حال وَصَلَ المعدة من منفذٍ أدنى منها؛ كالدُّبر فلا يُعدُّ مُفطراً إلّا إن كان مائعاً أي متحلّلاً.
  • الشافعية: قالوا إنّ كلّ ما وَصَل للجوف من منفذٍ مفتوحٍ؛ كالأنف والأُذن دون العين ويلحق به الجرح الذي يصل العين؛ فإنَّه يعدّ مُفطراً، مع الإشارة إلى أنَّ الجوف عندهم يشمل: البَطْن والأمعاء والمَثَانة والدماغ والحَلْق.
  • الحنابلة: قالوا إنَّ كل ما دخل الجوفِ والمعدة أو أي جزءٍ مجوّفٍ؛ كالدِّماغ والحَلْق؛ فإنَّه يُعدّ مُفطراً، مهما اختلف منفذ وموضع الدخول.[٤]

المراجع

  1. عبد الرزاق الكندي، كتاب المفطرات الطبية المعاصرة دراسة فقهية طبية مقارنة، صفحة 433-432. بتصرّف.
  2. أشجان محمد عبد الرحيم يوسف، أحكام معاصرة في الصيام من ناحية طبية، صفحة 121. بتصرّف.
  3. د. محمد رفيق مؤمن الشوبكي (4/7/2015)، "نقل الدم للصائم"، موقع شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 30/9/2021. بتصرّف.
  4. ^ أ ب الدكتور عبدالرؤوف الكمالي، المفطرات المعاصرة، صفحة 329-338. بتصرّف.