أباح الله تعالى كثيرًا من طيّبات الطعام والشراب لعباده، وحرّم عليهم أمورًا معدودةً؛ لما فيها من مفاسد، وآتيًا حديثٌ عن أكل لحم الخيل وأدلّة القائلين بإباحته.


الدليل على أن أكل لحم الخيل مباح

اختلف الفقهاء في حكم لحم الخيل على ثلاثة أقوال، وآتيًا بيانها:[١][٢]

  1. القول الأول: تحريم لحم الخيل، وهو المذهب عند المالكيّة.
  2. القول الثاني: أنّ أكل لحم الخيل مكروهٌ كراهةً تنزيهيَّةً، وهو مذهب الحنفية وقول للمالكية.
  3. القول الثالث: أن لحم الخيل مباحٌ وهو مذهب الشافعية والحنابلة وهو قول أبي يوسف ومحمد من الحنفيّة، ومذهب الظاهرية وكثيرٌ من أهل العلم، واستدلوا على ذلك بعدَّة أدلةٍ، منها:
  4. قول الله تعالى: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ)،[٣] ووجه الدلالة أنّ الآية تدلّ بعمومها على حلّ ما لم يرد فيه نصٌّ ومنه لحم الخيل.
  5. ما روته أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- أنّها قالت: "نَحَرْنَا فَرَسًا علَى عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأكَلْنَاهُ".[٤]
  6. ما رواه عن جابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ رضي الله عنه: "أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ نَهَى يَومَ خَيْبَرَ عن لُحُومِ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ، وَأَذِنَ في لُحُومِ الخَيْلِ[٥] وفي روايةٍ أخرى عن أبي الزُّبَيرِ أنَّه سَمِعَ جابِرَ بنَ عبدِ اللهِ -رضي الله عنه- يقولُ: "أكَلْنا زمَنَ خَيبَرَ الخَيلَ، وحُمُرَ الوَحشِ، ونهانا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الحِمارِ الأهليِّ".[٦]


حكم لبن الخيل

اختلف أهل العلم في حكم لبن الخيل على قولين، وآتيًا بيانهما:[٧]

  • القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية، والحنابلة إلى القول بأنّه يُباح شرب لبن الخيل، واستدلّوا بقَوله عَزّ وجَلّ: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ[٨] الآية بعمومها تدلّ على حلّ أكل لحم الخيل بما فيها شرب ألبانها، وما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: "سافَرْنا مع رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكُنَّا نأكُلُ لُحومَ الخَيلِ، ونَشرَبُ ألبانَها".[٩]
  • القول الثاني: وهو مذهب المالكية ومن وافقهم من أهل العلم إلى حرمة شرب لبن الخيل، واستدلوا بأنّ الله تعالى ذكر الخيل في كتابه بأنّها مُعدَّةٌ للركوب والزينة، قال تعالى: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ[١٠] واللبن تابع لِلَّحم.


حكم أكل لحم الحمار الأهلي

اتّفق الفقهاء من المذاهب الأربعة: الحنفية، والمالكيّة في المعتمد عندهم، والشافعيّة، والحنابلة، على حرمة أكل لحوم الحُمر الأهليّة، وقال به أكثر أهل العلم، واستدلوا بعدّة أدلَّةٍ، منها ما رُويَ عن أنسٍ -رضي الله عنه- قال: "لَمَّا فتَحَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خيبَرَ، أصَبْنا حُمُرًا خارِجًا مِنَ القريةِ، فطَبَخْنا منها، فنادى مُنادي رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ألا إنَّ اللهَ ورَسولَه يَنهَيانِكم عنها؛ فإنَّها رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطانِ"،[١١] وما رُوِيَ عن أبي ثَعلَبةَ الخُشَنيِّ -رَضِيَ اللهُ عنه- قال: "حَرَّم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لُحومَ الحُمُرِ الأهليَّةِ".[١٢][١٣]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 211.
  2. "لحم الخيل"، الدرر السنية.
  3. سورة الأنعام، آية:145
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أسماء بنت أبي بكر، الصفحة أو الرقم:5519، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1941، صحيح.
  6. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:4354.
  7. "حكم لبن الخيل"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 12/12/2021. بتصرّف.
  8. سورة الأنعام، آية:145
  9. رواه النووي، في المجموع، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:9/5، إسناده صحيح.
  10. سورة النحل، آية:8
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1940، صحيح.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو ثعلبة الخشني، الصفحة أو الرقم:1936.
  13. "حكم اكل لحوم الحمر الأهلية"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 12/12/2021. بتصرّف.