حرّمت الشريعة الإسلاميّة كلّ ما من شأنه أن يُلحق ضررًا بالإنسان في جسده أو عقله أو ماله، وحذّرت من تعاطيه ورتّبت على ذلك عقوبةً دنيويَّةً أو أخرويَّةً، وآتيًا في هذا المقال حديثٌ عن إحدى المواد المضرّة، وهي الحشيش، وبيان حكم تدخينه وأحكامٍ أخرى متَّصلةٍ به.


ما حكم تدخين الحشيش؟

حرّمت الشريعة تناول المخدّرات من الحشيش وغيره من الأنواع، والحشيش هو نباتٌ من المزروعات المنبِّهة، المخدِّرَة من القِنَّب الهنديّ،[١] والأصل في تحريمها ما رواه أحمد في مسنده وأبو داود في سننه عن أم سلمة -رضي الله عنها- أنّها قالت: "نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن كُلِّ مُسكِرٍ ومُفَتِّرٍ[٢] ففي هذا الحديث دليلٌ على تحريم الحشيش؛ لكونه يورث الفتور والكسل ويُغيّب العقل، والشريعة حرصت على حفظ الضرورات الخمس ومنها حفظ العقل؛ كما أنّه ما من نوعٍ من أنواع الحشيش إلّا وفيه الضرر الكثير دينيًّا ودنيويًّا، ولم يحرم الله شيئًا إلّا والضرر غالبٌ فيه.[٣][٤]


هل تدخين الحشيش يبطل الوضوء؟

السُّكْر يُنقض الوضوء إجماعًا، وقد سبق بيان أنّ الحشيش من المُسْكِرات المُذهِبَة للعقل؛ فمن شرب الحشيش فسَكِرَ فقد انتقض وضوءه، فيلزمه الوضوع ولا يلزمه الغسل؛ لأنّ الغسل لا يجب على من ذهب عقله؛ فلا غسل على من ذهب عقله بجنونٍ أو نومٍ أو إغماءٍ ونحوه، إلّا أن ينام فيحتلم، وأمّا إن تناول قدرًا قليلًا فلم يسكره؛ فلا ينتقض وضوءه، لكنه يأثم بفعله؛ وإن أراد الصلاة؛ فعليه غسل فمه على القول بنجاستها، إلّا أن يكون جاهلًا بهذا الحكم.[٥]


حكم بيع المخدرات

أجمع الفقهاء على أنّ نجاسة المُسْكِرات محصورةٌ في المائعات -أي السوائل- منها؛ كالخمر وغيرها، وقد ثبت تحريم الخمر في كتاب الله تعالى من قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)،[٦] ويلحق بالخمر كلّ مائعٍ مُسْكر؛ وبالتالي فإنّ المخدرات الجامدة طاهرةٌ عند جمهور الفقهاء، وإن كان تعاطيها محرَّمًا، وعلى ذلك فإنّه يجوز بيعها للتداوي؛ أي للعلاج، على أن يضمن أنّ مشتريها قد اشتراها لغرض العلاج، أمّا إذا كان بيعها لغير التداوي؛ فيحرم بيعها إذا لم يضمن مشتريها، وعلم أنّها ستؤخذ على الوجه المحرّم، وقد استثنى بعض العلماء الحشيشة على القول بنجاستها، وأنّ المعصية قائمةٌ بذاتها فيحرم بيعها، والله أعلم.[٧]


عقوبة متناول المخدرات

أجمع الفقهاء على أنّ من تناول المخدرات للتداوي؛ أي للعلاج فلا عقوبة عليه من حدٍّ أو تعزيرٍ وإن زال عقله؛ لأنّه معذورٌ باضطراره، أمّا إن تناول القدر المُذهِب للعقل بلا عذرٍ؛ فإنّه أيضًا لا حدّ عليه ولكنّه يعزّر، إلّا أنّ الشافعيّة ذهبوا إلى أنّ بعض أنواع المخدرات كالأفيون وغيره إذا أذيب واشتدّ وقذف بالزبد، فإنّه كالخمر في النجاسة والحدّ، والله تعالى أعلم.[٨]

المراجع

  1. "معنى الحشيش"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2021.
  2. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أم سلمة رضي الله عنها، الصفحة أو الرقم:3686.
  3. "حكم تدخين الحشيش"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2021. بتصرّف.
  4. "حكم تدخين الحشيش"، الموسوعة الفقهية الكويتية، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2021. بتصرّف.
  5. "شرب الحشيش و الوضوء"، اسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2021. بتصرّف.
  6. سورة سورة المائدة، آية:90
  7. "حكم بيع المخدرات"، الموسوعة الكويتية، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2021. بتصرّف.
  8. "عقوبة تناول المخدرات"، الموسوعة الكويتية، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2021. بتصرّف.