إنّ الأضحية من الشعائر والقربات التي حثّ عليها الشرع، ورتّب عليها أجرًا عظيمًا، وقد نظّم الشرع ما يتّصل بالأضحية من أحكامٍ، بما فيها شروط الذابح، وآتيًا في هذا المقال بيانٌ لحكم ذبيحة المرأة وبعض ما يتّصل بها من أحكامٍ.
ما حُكم ذبيحة المرأة؟
يجوز للمرأة أن تذبح إن كانت قادرةً على الذبح، ولا حرج عليها في ذلك، وقد أقر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لها ذبح الغنم،[١]
وهو قول جمهور الفقهاء، وفي وجهٍ عند الشافعيّة أنّه يكره للمرأة ذبح الأضحية،[٢] ومن الأدلّة التي استدلّ بها الجمهور على جواز ذبيحة المرأة:[٣]
- أنّ امرأةً زمن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كانت ترى غنمًا واعتدى الذئب على واحدةٍ منها، فأدركتها وهي حيَّةٌ؛ فذبحتها، فسُئل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن ذلك؛ فأذن فيه.
- واستدلّوا كذلك بقول الله تعالى: (إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ)،[٤] وهذا النصّ يشمل المسلم سواءً كان ذكرًا أو أنثى أو كتابيًّا أو كتابيَّةً من أهل الكتاب.
أحكام متعلّقة بذبيحة المرأة
ما حكم الأكل من ذبيحة المرأة؟
يجوز الأكل من ذبيحة المرأة شريطةً التزامها بشروط الذبح، فإن قامت بتحقيق هذه الشروط؛ فإنّ الذبيحة جائزٌ أكلها بغض النظر إن كان الذي يذبح رجلاً أو امرأةً.[٢]
ما حكم ذبيحة المرأة الحائض؟
يجوز الأكل من ذبيحة المرأة الحائض بإجماع المذاهب الفقهيّة الأربعة؛ الحنفيّة والمالكيّة والشافعيّة والحنابلة، والدليل قوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)؛[٥] فالله -سبحانه وتعالى- قد كلّف الإنسان حسب وسعه وطاقته، ولم يمنعهم من الذبح في حالٍ دون حالٍ.[٦]
أحكامٌ متعلِّقةٌ بالذبح
شروط الذابح
ثمّة شروطٌ متعلِّقةٌ بالذابح الذي يقوم بالذبح، وآتيًا ذكرها:[٧]
- أن يكون الذابح عاقلًا بالغًا؛ فذبيحة الصبيّ غير المميّز والمجنون غير مقبولةٍ عند جمهور الفقهاء.
- أن يكون الذابح مسلمًا أو كتابيًّا، بخلاف ذبيحة المشرك أو المجوسيّ أو المرتدّ؛ فإنّ ذبيحته لا تحلّ، لقول الله عزّ وجلّ: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ).[٨]
شروط أداة الذبح
للأداة المستعملة في الذبح بها عدّة شروطٍ؛ كي يكون الذبح دون إيذاءٍ للحيوان؛ وآتيًا ذكرها:[٩]
- أن تكون الأداة حادّةً؛ فتذبح وتقطع بحدّها، ومحدَّدةً؛ أي ذات حدٍّ فتقطع بحدّها دون الضغط عليها فلا تؤلم الحيوان؛ وذلك لوصيّة النبيّ عليه الصلاة والسلام؛ حيث قال: "إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ".[١٠]
- أن تكونَ الأداة من حديدٍ أو نحاسٍ؛ بحيث لا يذبح بسنٍّ أو ظفرٍ أو عظمٍ لقوله عليه الصلاة والسلام: "ما نَهَرَ -أوْ أنْهَرَ- الدَّمَ وذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ، غيرَ السِّنِّ والظُّفُرِ، فإنَّ السِّنَّ عَظْمٌ، والظُّفُرَ مُدَى الحَبَشَةِ".[١١]
شروط الذبيحة
يُشترط في الحيوان الذي يُرادُ ذبحه شرطان اثنان، وهما:[١٢]
• أن يكون الحيوان حيّاً وقت الذبح فلا يُقبل ذبح الميتة.
• أن يتحقّق خروج روح الحيوان المراد ذبحه عند عملية الذبح وليس قبلها.
• ألّا يكون الحيوان مصطادًا من الحَرم أو أثناء الإحرام؛ وذلك لحُرمة صيده.
ما حكم أكل ذبيحةٍ مذبوحةٍ بغير الشروط الإسلاميّة الصحيحة؟
إن تمَّ التأكدّ من أنّ الحيوان غير مذبوحٍ على الطريقة الإسلاميّة الصحيحة؛ فتمّ صعقه أو تغطيسه، ومات بهذه الطريقة؛ فإنّه لا يجوز أكله؛ لأنّ الحكمة التي قد شُرع من أجلها الذبح لم تتحقّق؛ فالدمّ بالصعق أو الخنق يبقى داخل لحم الحيوان، وبالتالي لا يحلّ أكله، حتى وإن تمّت التسمية عليه قبل أكله أو تمت عمليّة غسله.[١٣]
المراجع
- ↑ سماحة الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله، "حكم ذبيحة المرأة"، موقع سماحة الشيخ الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2021. بتصرّف.
- ^ أ ب إسلام أون لاين، "حكم الأكل من ذبيحة المرأة"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2021. بتصرّف.
- ↑ صالح الفوزان (1/12/2006)، "حكم ذبيحة المرأة"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية:3
- ↑ سورة البقرة، آية:286
- ↑ الدرر السنية، "ذكاةُ المَرأةِ الحائِضِ"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2021. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 2763. بتصرّف.
- ↑ سورة الانعام، آية:121
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 408. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم:1955، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن رافع بن خديج، الصفحة أو الرقم:5544، صحيح.
- ↑ كمال ابن السيد سالم، كتاب صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 359. بتصرّف.
- ↑ سماحة الشيخ الامام ابن باز رحمه الله، "حكم أكل اللحوم التي تباع في أسواق الدول غير الإسلامية"، موقع سماحة الشيخ الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2021. بتصرّف.