حكم أكل الضفدع
تعدّدت آراء أهل العلم في حكم أكل الضفدع، فقال أكثرهم بتحريم أكله، وقال بعض أهل العلم بجوازه، وتوضيح ذلك فيما يأتي:
القائلون بتحريم أكله
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى تحريم أكل الضفدع، واستدلّوا بما يأتي:[١]
- عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي -رضي الله عنه-: (أنَّ طبيبًا سألَ النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم عن ضُفدَعٍ يجعلُها في دواءٍ، فنَهاهُ النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلم عن قتلِها).[٢]
- نَهْي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن قتله يدلّ على حُرمة أكله، لأنّ النهي عن قتل الحيوان إمّا أن يكون لحُرمته أو لتحريم أكله، والضفدع ليس بمحترم، فيكون النهي دالاً على حُرمة أكله.
وقد ضعّف بعض المحدّثين هذا الحديث لوجود سعيد بن خالد في سنده، ولكن صحّحه بعض المحدثين، وقال ابن حبّان عن سعيد بن خالد: ثقة، وقال الدارقطني عنه: مدنيٌّ يُحتجّ به،[٣] كما أنّ بعض الأطبّاء يرون أن أكل الضفدع ضارٌّ للإنسان.[٤]
القائلون بجواز أكله
ذهب الإمام مالك وبعض أهل العلم إلى جواز أكل الضفدع، ولكنّ أكثر أهل العلم على القول بالتحريم، واستدلّ مَن قال بجواز أكله بما يأتي:[٥]
- عموم قول الله -تعالى-: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ).[٦]
- قول النبي -صلى الله علي وسلم- عن البحر: (هوَ الطَّهورُ ماؤُهُ الحلُّ ميتتُهُ).[٧]
هل هناك حيوانات بحرية لا يجوز أكلها
يظهر من الأدلّة السابقة حلّ طعام البحر وجواز أكله، ولكن استثنى أهل العلم جواز أكل بعض حيوانات البحر من الإباحة مستدلّين بعدّة أدلَّةٍ شرعية، وقد أوضحنا سابقاً رأي أهل العلم في حكم أكل الضفدع، ونذكر بعض الحيوانات التي استثناها بعض العلماء من الإباحة فيما يأتي:[٨]
- التمساح
حرّم جمهور العلماء أكل التمساح لأنّ له ناباً، أمّا المالكية فقالوا بجواز أكله لعموم قول الله -تعالى- بحلّ طعام البحر.
- حية البحر
ذهب بعض أهل العلم إلى القول بتحريم أكل حية البحر، وذهب فريقٌ آخر من العلماء إلى القول بجواز أكلها إذا كانت لا تعيش إلا بالبحر.
- كلب الماء والسلحفاة
اشترط أهل العلم الذين قالوا بجواز أكل السلحفاة وكلب الماء أن يتمّ تذكيتها -أي ذبحها- قبل أكلها، لأنّها تعيش في البحر والبرّ، فيُغلّب عليها جانب الحظر، وهناك قاعدة تقول: "كل ما يعيش في البر والبحر يأخذ أحكام حيوانات البر -احتياطاً- فتلزم له الذكاة"، باستثناء السلطعون فلا يُشترط تذكيته، لأنّه لا دم له.
- كلّ ما ثبت ضرره
قال أهل العلم بحُرمة أكل ما فيه ضرر حتى وإن كان يعيش في البحر، مثل ما ثبت فيه أنّ أكله يُسبّب التسمّم، أو يُسبّب الضرر والمرض لمن يأكله، فيُحرّم أكله حينها بسبب ضرره لا بسببه جنسه، بدليل قول الله -تعالى-: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)،[٩] وقوله -عز وجل-: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا).[١٠][١١]
المراجع
- ↑ "الضفدع"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 3/5/2023. بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبدالرحمن بن عثمان التيمي، الصفحة أو الرقم:3871، صححه الألباني.
- ↑ محمد المسند، فتاوى إسلامية، صفحة 391، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ موسى لاشين، فتح المنعم شرح صحيح مسلم، صفحة 19، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، صفحة 322-323، جزء 22. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية:96
- ↑ رواه البخاري، في تهذيب التهذيب، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:4/42، صحيح.
- ↑ "هل هناك حيوانات بحرية لا يجوز أكلها"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 3/5/2023. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:195
- ↑ سورة النساء، آية:29
- ↑ عبد الله خضر حمد، الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية، صفحة 506، جزء 8. بتصرّف.