فرض الله -سبحانه وتعالى- الصيام على كلّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ مقيم سليمٍ من المرض، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)،[١] فرخّص الله تعالى لأصحاب الأعذار بالفطر،[٢] وآتيًا بيانٌ لحكم إفطار المرضعة في رمضان وما يتّصل به من أحكامٍ.


ما حكم إفطار المرضعة في رمضان؟

الأصل أنّ الصيام واجبٌ على المرأة المرضعة، إلّا في حال خشيت أن يلحق بها أو بطفلها ضررٌ أو مشقّةٌ غير محتملةٍ؛ فيجوز لها أن تفطر أو نصحها الطبيب المختصّ الثقة بالإفطار خشيةً عليها أو على ولدها، وأمّا إن كانت المشقة طبيعةً وأمكنها احتمالها أو لم يكن الصيام يُلحق بها أو بطفلها ضررٌ؛ فيجب عليها الصيام،[٣] وقد اختلف الفقهاء فيما يترتّب عليها من الأحكام إذا أفطرت وفيما يلي بيان أقوالهم.


الأحكام المترتّبة على إفطار المرأة المرضعة

اختلف الفقهاء فيما يجب على المرأة في حال فطرها على عدّة أقوالٍ، هي:[٤]

  • القول الأوّل: أنّ على المرضعة قضاء ما أفطرت من أيّامٍ، والإطعام عن كلّ يومٍ أفطرته مسكينًا، وإلى هذا القول ذهب المالكيّة والشافعيّة والحنابلة.
  • القول الثاني: أنّ على المرضعة القضاء فقط؛ قياسًا على المريض والمسافر، وهو مذهب الحنفيّة وقول الأوزاعي والثوري.
  • القول الثالث: عليها الإطعام فقط ولا قضاء عليها، وهو قول ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم، ومذهب إسحاق، وقد اختاره الشيخ الألبانيّ.
  • القول الرابع: ليس عليها قضاءٌ ولا إطعامٌ، وهو مذهب ابن حزم.


أحكام فدية الصيام

اختلفت آراء الفقهاء في مقدار فدية الصيام؛ أي مقدار الطعام الذي تُطعمه للمسكين، وكان لهم في المسألة ثلاثة أقوالٍ، آتيًا بيانها:[٥]

  • القول الأوّل: ذهب الحنفيّة إلى أنّ مقدار الفدية صاعٌ من تمرٍ، أو شعيرٍ، أو نصف صاعٍ من القمح، عن كلّ يومٍ أفطرت فيه المرضعة، والصّاع؛ هو مكيالٌ قديمٌ يوازي في الوقت الحاضر ما يُقارب ثلاثة كيلو غرام.[٦]
  • القول الثاني: ذهب الشافعيّة والمالكيّة إلى أنّ مقدار الفدية مُدّ من الطعام عن كلّ يومٍ، والمُدّ؛ هو مكيالٌ من المكاييل التي كانت تستعمل قديمًا.[٧]
  • القول الثالث: ذهب الحنابلة إلى أنّ مقدار الفِدية مُدٌّ من القمح، أو نصف صاعٍ من الشعير أو التمر.


حكم صيام الحائض والنفساء

تعدّ الطهارة من الحيض والنّفاس شرطًا لصحّة صيام المرأة؛ فلا صيام للحائض والنفساء، ويجب عليهما أن يقضيا ما أفطرتاه في رمضان، وإن صامت المرأة أوّل النَّهار، ثمّ طرأ عليها الحيضُ أو النّفاس؛ فإنّها تُفطر، وتقضي ما أفطرته،[٨]وإن صامتا وهما على الحيض أو الّنفاس؛ فإنّ صيامهما باطلٌ؛ إذ إنّ الفِطْرَ في حقّهما واجبٌ، ويحرم عليهما الصيام.[٩]

المراجع

  1. سورة البقرة، آية:183-184
  2. كمال ابن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 88-89. بتصرّف.
  3. دار الافتاء الأردنية (22/7/2014)، "حكم صيام الحامل والمرضع"، دار الافتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 23/9/2021. بتصرّف.
  4. كمال ابن السيد سالم، كتاب صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 125. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 67. بتصرّف.
  6. "تعريف ومعنى صاع"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 16/10/2021.
  7. "تعريف ومعنى المُدّ"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 16/10/2021. بتصرّف.
  8. محمد رفيق الشوبكي، دليل الأنام في أحكام الصيام، صفحة 75. بتصرّف.
  9. عبد الرحمن الجزيري، كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 522. بتصرّف.