ما حكم الإفطار في صيام التطوع؟

حكم صيام التطوّع

إنّ صيام التطوّع من السنن التي يتقرّب بها المسلم إلى الله سبحانه وتعالى، وقد شرع الله تعالى صيام التطوع؛ ليجبر المسلم النقص الذي قد يحدث في صيام الفريضة، وهو سبيلٌ لزيادة التقرّب إلى الله تعالى، وتحصيل الأجر والثواب منه، ومن صيام التطوع: صيام ستّة أيّامٍ من شوال، وعشر ذي الحجة، وشهر الله المحرّم، وعاشوراء، وصيام أيّامٍ من شعبان، وصيام الإثنين والخميس من كلّ أسبوع، والأيام البيض من كلّ شهرٍ؛ وهي أيّام ثلاثة عشر، وأربعة عشر، وخمسة عشر من كلّ شهرٍ هجريّ.^[١]

ما حكم الإفطار في صيام التطوّع؟

اختلفت أقوال الفقهاء في حكم الإفطار في صيام التطوع، وفيما يلي عرضها وبيانها:

• قول الحنفيّة: ذهب الحنفيّة إلى القول بوجوب الالتزام بالصيام وإتمامه سواءً أكان الصوم نفْلًا؛ أي تطوُعًا أو فرضًا، فصوم التطوع يصبح واجبًا عندهم بمجرد الشروع فيه، فإذا فسد وجب قضاؤه؛ فهو عبادةٌ، وإبطال العبادة حرامٌ واستدلوا على ذلك بقول الله سبحانه وتعالى: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ).^[٢][٣]
• قول المالكيّة: قال المالكيّة بحرمة إفساد صيام التطوّع إلّا إن توفّر مسوّغٌ شرعيٌّ يقتضي الإفطار؛ فمن طرأ عليه عُذرٌ شرعيٌّ معتبرٌ يستوجب فطره، كإجابة طلب والديه المشفقين عليه من مواصلة صيام التطوُّع، أو غلبه الأمر بسبب العطش الشديد،أو أُكره على الفِطْر، أو خشي على نفسه الهلاك لمرضٍ أصابه، فهنا يجوز له أن يُفطرَ دونَ أن يترتّب عليه القضاء، بينما يكون القضاء واجبًا في أحوالٍ مُعينةٍ منها: الفِطْر بسبب السفر الطارئ، أو إن حُلِف عليه بالطلاق مُشترِطًا الفطر معه، شريطة أن تتوفّر الخشية لدى الصائم من احتماليّة مُفارقة الحالف لزوجته؛ فحينئذٍ يُجيب طلبه ويُفطر دون أن يقضي.^[٤]
• قول الشافعيّة: قالوا بكراهة أن يُفسد الصائم صومه في صيام التطوُّع بعد الشروع فيه، دون ترتّب القضاء،^[٥] ودليلهم في ذلك حديث النبيّ عليه الصلاة والسلام: "الصَّائمُ المتطوِّعُ أميرُ نفسِهِ، إن شاءَ صامَ، وإن شاءَ أفطرَ".^[٦]
• قول الحنابلة: قال الحنابلة بعدم وجوب إتمام صيام التطوّع في حقّ من شرع فيه؛ فمن صام صيام تطوّعٍ جاز له أن يفطر، ولا يترتّب عليه إثمٌ، ولا قضاء في حقّه،^[٧] وقد استدلّوا بما ورد في السنّة النبويّة ممّا أخرجه الإمام مسلم عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: "قالَ لي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ يَومٍ: يا عَائِشَةُ، هلْ عِنْدَكُمْ شيءٌ؟ قالَتْ: فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، ما عِنْدَنَا شيءٌ قالَ: فإنِّي صَائِمٌ قالَتْ: فَخَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَأُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ، أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ، قالَتْ: فَلَمَّا رَجَعَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ، أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ، وَقَدْ خَبَأْتُ لكَ شيئًا، قالَ: ما هُوَ؟ قُلتُ: حَيْسٌ، قالَ: هَاتِيهِ فَجِئْتُ به فأكَلَ، ثُمَّ قالَ: قدْ كُنْتُ أَصْبَحْتُ صَائِمًا".^[٨]