شهر رجب من الأشهر الحُرُم، فقد رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قوله: "السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثَةٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدَةِ وذُو الحِجَّةِ والمُحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ، الذي بيْنَ جُمادَى وشَعْبانَ"،[١] وآتيًا حديثٌ عن حكم الصيام في شهر رجب، وتخصيصه ببعض القربات.


ما حكم الصيام في رجب؟

لم يصحّ دليلٌ شرعيٌّ في تخصيص أو تفضيل الصيام أو القيام في شهر رجب، وفي ذلك يقول ابن رجب الحنبلي: "فلم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه"، إلّا أنّه قد ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ترغيبه في الصيام في الأشهر الحُرم؛ حيث وردت أحاديثٌ عامةٌ تحث على صيام الأشهر الحرم، منها أنَّ ما رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه: "سُئِلَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ المَكْتُوبَةِ؟ وَأَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ فَقالَ: أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، الصَّلَاةُ في جَوْفِ اللَّيْلِ، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، صِيَامُ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ"،[٢] واستدلّ جمهور الفقهاء على استحباب الصيام في الأشهر الحرم ومنها شهر رجب بحديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من قوله: "صم ثلاثة أيام قال زدني قال صم من الحرم واترك صم من الحرم واترك صم من الحرم واترك وقال بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها".[٣][٤][٥]


حكم صيام السابع والعشرين من شهر رجب

سبق الذكر أنّه لم يرد تخصيصٌ لشهر رجب في ذاته بأفضليّة الصيام فيه، باستثناء أنّه من الأشهر الحرم، ولم يثبت كذلك فضلٌ لليلة السابع والعشرين من رجب، ولم يثبت ما اشتهر بين الناس بتخصيصها بالصيام والقيام؛ اعتقادًا منهم أنَّ فيها وقعت حادثة الإسراء والمعراج، ولم يثبت عند أهل العلم أنَّ ليلة الإسراء والمعراج وافقت السابع والعشرين من رجب، فذكر ابن القيّم في كتابه زاد المعاد نقلًا عن ابن تيمية: "لا يُعرف عن أحد من المسلمين أنه جعل لليلة الإسراء فضيلة على غيرها، ولا كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يقصدون تخصيص ليلة الإسراء بأمر من الأمور ولا يذكرونها، ولهذا لا يُعرف أي ليلة كانت، وإن كان الإسراء من أعظم فضائله صلى الله عليه وسلم"، فلا يصحّ عند أهل العلم تخصيص السابع والعشرين من رجب بصيامٍ أو قيامٍ أو مزيد فضلٍ عن سائر الليالي.[٦][٧]


حكم تخصيص شهر رجب بالعمرة

العمرة في شهر رجب مشروعةٌ كسائر الشهور، وذكر أهل العلم أنّه لا حرج في تأديتها فيه إن لم يكن المعتمر يعتقد فضلًا زائدًا لأدائها في هذا الشهر؛ وذلك لأنه لم يرد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- تخصيصٌ لشهر رجب بشيءٍ من العبادات كالصلاة والصوم والعمرة، وقد ورد في الحديث الصحيح إنكار أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- اعتمار النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في شهر رجب، كما روى عروة ابن الزبير أنّه: "سئلَ ابنُ عمرَ في أيِّ شَهرٍ اعتمرَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ في رجبٍ فقالت عائشةُ ما اعتمرَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في رجبٍ قطُّ وما اعتمرَ إلَّا وَهوَ معَه تعني ابنَ عمرَ"،[٨] فعلى المسلم أن يتعبّد الله تعالى في شهر رجب كما يتعبده في سائر الشهور.[٩]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي بكرة نفيع بن الحارث، الصفحة أو الرقم:3197، صحيح.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1163، صحيح.
  3. رواه أبي داود ، في سنن أبي داود، عن والد أو عم مجيبة الباهلية، الصفحة أو الرقم:2428، سكت عنه وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح.
  4. حسام الدين عفانة، كتاب فتاوى يسألونك، صفحة 296. بتصرّف.
  5. [مجموعة من المؤلفين]، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 18358. بتصرّف.
  6. "هل الصوم في شهر رجب له فضل معين؟"، الإسلام سؤال وجواب، 8/7/2008، اطّلع عليه بتاريخ 22/10/2021. بتصرّف.
  7. "صيام السابع والعشرين من رجب "، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 22/10/2021. بتصرّف.
  8. رواه الألباني ، في صحيح ابن ماجه، عن عروة بن الزبير، الصفحة أو الرقم:2447، صحيح.
  9. "العُمرة في شهر رجب"، الإسلام سؤال وجواب، 8/7/2008، اطّلع عليه بتاريخ 22/10/2021. بتصرّف.