حكم لبن الميتة

اختلف الفقهاء في حكم لبن الميتة على قولين:[١][٢]

  • القول الأول: أنّ لبن الميتة طاهرٌ، وهو قول أبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد بن حنبل، داود الظاهري، واستدلوا بعدّة أدلة منها :قوله تعالى: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ)،[٣] ووجه الدلالة أن إخبار الله تعالى بخروج اللبن من بين موضعان نجسان لا يوجبان نجاسته، لأنه موضع الخلقة. واستدلوا بما فعله الصحابة حينما فتحوا بلاد المجوس وأكلوا من جبنهم، ومعلومٌ أن الجبن يُصنع من أنفحة ذبائحهم المحرمة. كما أن اللبن لا يموت ولا يحرمه الموت.
  • القول الثاني: أن الميتة وألبانها نجسةٌ، وهو قول المالكية والشافعية، والمشهور عند الحنابلة، واستدلوا بعدة أدلة منها: قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)،[٤] فعموم الآية بتحريم الميتة يشمل كلّ ما فيها، كما أنّ اللبن مائعٌ في وعاءٍ نجسٍ، فكان نجسًا.


حكم عظم الميتة وقرونها

اختلف أهل العلم في حكم الانتفاع بعظم الميتة المأكول لحمها على قولين:[٥]

  • القول الأول: أنّها نجسة لا يحلّ الانتفاع بها، وهو مذهب المالكية والشافعيّة والحنابلة، وذلك لقول الله تعالى: وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (قَال مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُل يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّل مَرَّةٍ)،[٦] أنّها صارت عند الموت ميتة، والميتة يحرُم الانتفاع بها، قال تعالى: (عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ).[٤]
  • القول الثاني: أنّها طاهرةٌ ويحلُّ الانتفاع بها؛ قياسًا على الجلود المدبوغة، وهو قول الحنفية وبعض أهل العلم، ولأنّ نجاسة الميتة ليست لعينها، وإنّما للدماء السائلة والرطوبات، وهذه ليست موجودةً في العظام.


حكم إطعام الميتة للحيوانات

اختلف أهل العلم في حكم الانتفاع بالميتة بإطعامها للحيوانات والبهائم على ثلاثة أقوال:[٥]

  • القول الأول: عدم جواز الانتفاع بالميتة بإطعامها للحيوانات، وهو مذهب الحنفيّة والشافعية والإمام أحمد في روايةٍ عنه؛ لأنه بإطعامه الميتة للحيوانات بمثابة الانتفاع بها، والله تعالى حرم الانتفاع بالميتة؛ فقال: (حرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ).[٧]
  • القول الثاني: جواز إطعام الميتة للكلب وطير الباز المُعَلّم، وهو مذهب المالكية والحنابلة؛ لأنّ استعمال الميتة في ذلك يجري مجرى الإتلاف.
  • القول الثالث: جواز إطعام الميتة للحيوانات مطلقًا، وهو قولٌ لبعض المالكية.


حكم طلاء الجلود والسفن بدهن الميتة

اختلف الفقهاء في حكم الانتفاع بدهن الميتة على ثلاثة أقوالٍ، هي:[٨]

  • القول الأول: عدم جواز الانتفاع بدهن الميتة مطلقًا، وهو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة.واستدلوا بما رُويَ عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّه: "سَمِعَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يقولُ عَامَ الفَتْحِ وهو بمَكَّةَ: إنَّ اللَّهَ ورَسوله حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ، والمَيْتَةِ والخِنْزِيرِ والأصْنَامِ، فقِيلَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أرَأَيْتَ شُحُومَ المَيْتَةِ، فإنَّهَا يُطْلَى بهَا السُّفُنُ، ويُدْهَنُ بهَا الجُلُودُ، ويَسْتَصْبِحُ بهَا النَّاسُ؟ فَقالَ: لَا، هو حَرَامٌ، ثُمَّ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عِنْدَ ذلكَ: قَاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ إنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فأكَلُوا ثَمَنَهُ".[٩]
  • القول الثاني: جواز الانتفاع بشحوم الميتة في طلاء ظهور السفن، وهو قولٌ لعطاء.
  • القول الثالث: جواز الانتفاع بالنجاسات سواء بشحم الميتة أو غيرها، وهو قول ابن تيمية.

المراجع

  1. عدنان الرشيدي، اختيارات القاضي أبي يعلى الحنبلي الفقهية من أول كتاب الطهارة إلى آخر باب التيمم، صفحة 98. بتصرّف.
  2. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 44. بتصرّف.
  3. سورة المؤمنون، آية:21
  4. ^ أ ب سورة المائدة، آية:3
  5. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 392. بتصرّف.
  6. سورة يس، آية:78
  7. سورة المائدة، آية:3
  8. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 393. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2236.