هل العطر يبطل الصيام؟

شرع الله تعالى الصيام، وبيّن أحكامه، وبيّن الأمور والأفعال التي تؤدّي إلى إبطاله، وفيما يلي حديثٌ عن العطر وتأثيره على الصيام، وبعض الأحكام ذات الصلة.

هل العطر يبطل الصيام؟

إنّ استعمال الروائح الطيّبة من المعطّرات والمطيبّات والصابون المعطّر وشمّ الروائح الطبيعيّة في نهار رمضان جائزٌ ولا يفسد الصيام؛ لعدم ورود دليلٍ يحرّم العطر على الصائم أو يقول ببطلان صيامه إذا وضع هذه الروائح أو اشتمّها؛ لأنّ غاية ما يصل منها هو الرائحة، ومجرّد الرائحة لا يفسد الصيام، وإن كان الأولى ترك شمّها تحقيقًا لحكمة الصيام، وقال بعض الفقهاء بأنّ العطور المحلولة في الكحول، إن قصد الصائم شمّها بطل صومه؛ لأنّها كالدخان، وأمّا البخور فمجرّد شمّه لا يكون مفسدًا للصّيام، ويجوز للصّائم أن يطيّب به ما شاء، لكنّه لا يستنشقه؛ لأنّ في البخور أجزاءً محسوسةً مشاهدةً قد تصل إلى المعدة فتفسد الصيام، وقد رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قوله: "بالَغ في الاستِنشاقِ إلَّا أن تَكونَ صائمًا"،^[١] وأمّا إن استنشقه بغير قصدٍ ووصل إلى جوفه، فيصامه صحيح؛ لعدم تعمّده، وبهذا يتبيّن أنّ الضابط في استنشاق العطور؛ أن ما كان ذا جرمٍ قد يدخل منها إلى الجوف فلا يجوز استنشاقه، ويكون مفسدًا للصيام إن كان الصّائم متعمِّدًا.^[٢][٣][٤]

هل مساحيق التجميل تبطل الصيام؟

حكم وضع أحمر الشفاه في نهار رمضان

ذهب الفقهاء إلى حرمة وضع أحمر الشفاه في نهار رمضان إذا كان يتحلّل منه شيءٌ ويختلط باللعاب وينزل إلى المعدة، أمّا إذا كان لا يتحلّل معه شيءٌ أو أنّه كلّما أحسّ بطعمٍ لفظه فإنّه على الكراهة الشديدة؛ قياسًا على مضغ الصائم للعلكة، وينبغي للمسلم أن يكون حريصًا في صومه ويحتاط لما قد يفسده، وقد رُوي عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- عن النّبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "الحَلالُ بَيِّنٌ، والحَرامُ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما أُمُورٌ مُشْتَبِهَةٌ، فمَن تَرَكَ ما شُبِّهَ عليه مِنَ الإثْمِ، كانَ لِما اسْتَبانَ أتْرَكَ، ومَنِ اجْتَرَأَ علَى ما يَشُكُّ فيه مِنَ الإثْمِ، أوْشَكَ أنْ يُواقِعَ ما اسْتَبانَ، والمَعاصِي حِمَى اللَّهِ مَن يَرْتَعْ حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أنْ يُواقِعَهُ"،^[٥] ووجه الدلالة من الحديث نهي النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وتحذيره من الوقوع في المتشابهات؛ لأنّها قد تكون سبيلًا للوقوع في الحرام، ومتى كان استعمال أحمر الشفاه؛ ليراه الرجال الأجانب كان ذلك أعظم حرمةً، وقد يضيع أجر الصوم ويعدم ثمرته؛ لما روي عن أبيّ هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به والجَهْلَ، فليسَ لِلَّهِ حاجَةٌ أنْ يَدَعَ طَعامَهُ وشَرابَهُ".^[٦][٧]

حكم وضع الكحل في نهار رمضان

اتّفق أهل العلم أنّ الصائم إن وضع الكحل أثناء صيامه وكان لا يُصاحبه طعمٌ أو لونٌ في حلقه؛ فإنه لا يُبطِل صومه فرضًا كان أو نافلةً، أمّا إن أحسّ الصائم بطعمٍ أو رأى لوًان بسببه في حلقه، فمن الفقهاء من حكم ببطلان الصوم معه، وقال بعضهم؛ كابن تيمية وطائفةٌ من المحقّقين بعدم بطلانه؛ لأنه ليس بأكلٍ ولا شربٍ ولا في معناهما.^[٨]