حكم دفع كفارة الصيام نقدًا

اختلف أهل العلم في حكم دفع كفارة الصيام نقدًا على قولين، آتيًا بيانهما:

  • القول الأول: وهو قول جمهور الفقهاء من المالكية والشافعيّة والحنابلة إلى القول بأنّه لا يُجزئ إخراج النقود بدلًا من الإطعام في فدية الصيام، وذلك لأنّ الله تعالى ذكر الفدية بلفظ الإطعام فقط فقال تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون)،[١] وما ذكره النص صريحًا فإنه لا يجوز العدول عنه إلى غيره، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن عَمِلَ عَمَلًا ليسَ عليه أمْرُنا فَهو رَدٌّ".[٢][٣]
  • القول الثاني: وهو قول الحنفية ومن وافقهم من أهل العلم كابن تيمية وغيره، وقول أحمد بن حنبل بأنّ جواز دفع كفارة الصيام نقدًا إنّما تكون للحاجة والمصلحة كأن يغلب على الظنّ أنّه أنفع وأصلح للفقراء، ويمنع العدول إلى ذلك إلا للمصلحة، وحجتهم في جواز دفع الكفارة نقدًا بأنّ المقصود من دفع الكفارة سدّ جوع المسكين وذلك يحصل سواء بالإطعام أو بقيمته.[٤]


موجبات كفارة الصّيام

ونذكر آتيًا حالتين من الحالات الموجبة للكفارة في الصّيام وأحكامها.


العاجز عن الصوم

يُباح الفِطر في رمضان للرجل والمرأة الكبيرين في السنّ إذا كانا عاجزين عن الصّيام ولا يستطيعانه أو المريض مرضًا مزمنًا لا يُرجى شفاؤه، بدليل قوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين)،[٥] وقد رُوي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قوله: "رُخِّصَ للشَّيخِ الكبيرِ أن يُفطِرَ ويُطعِمَ عن كلِّ يومٍ مِسكينًا، ولا قضاءَ عليه"،[٦] فإذا أفطرا فعليهما الكفّارة وهي إطعام مسكين عن كل يوم، وبهذا قال جمهور فقهاء المذاهب من الشافعية والحنفية والحنابلة.[٧]


من جامَع امرأته متعمِّدًا في نهار رمضان

يحرُم على الصائم أن يُجامع زوجته في نهار رمضان، وإنّما يُباح له ذلك في الليل بعد فِطره، فمن أتى زوجته في نهار رمضان وهو صائمٌ؛ فقد أفطر ووجبت عليه الكفارة معسرًا كان أو موسرًا وهي على النحو الآتي: عتق رقبةٍ، فإن لم يجد كما في زماننا، فعليه صيام شهرين متتابعين والتتابع شرطٌ باتفاق، كما ويُشترط ألّا يكون رمضان أحد الشهرين وألّا تكون أيّام صيامه أيَّامًا منهيًّا عن صومها؛ كأيّام العيدين ونحوها، فإن عجز لمرض ونحوه، أطعم ستين مسكينًا، ودليل ذلك ما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: "أَتَى رَجُلٌ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: هَلَكْتُ، وقَعْتُ علَى أهْلِي في رَمَضَانَ، قالَ: أعْتِقْ رَقَبَةً قالَ: ليسَ لِي، قالَ: فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قالَ: لا أسْتَطِيعُ، قالَ: فأطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا قالَ: لا أجِدُ، فَأُتِيَ بعَرَقٍ فيه تَمْرٌ - قالَ إبْرَاهِيمُ: العَرَقُ المِكْتَلُ - فَقالَ: أيْنَ السَّائِلُ، تَصَدَّقْ بهَا قالَ: علَى أفْقَرَ مِنِّي، واللَّهِ ما بيْنَ لَابَتَيْهَا أهْلُ بَيْتٍ أفْقَرُ مِنَّا، فَضَحِكَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، قالَ: فأنتُمْ إذًا".[٨][٩]

المراجع

  1. سورة سورة البقرة، آية:184
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1718.
  3. %1$s&ampshare=https://islamqa.info/ar/answers/39234/هل-يصح-اخراج-النقود-بدلا-من-الاطعام-في-فدية-الصيام "حكم فدية الصيام"، اسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 2/12/2021. بتصرّف.
  4. %1$s&ampshare=https://www.islamweb.net/ar/fatwa/93960/ "حكم إخراج المال بدلًا من الطعام في كفارة تأخير القضاء"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 4/1/2022. بتصرّف.
  5. سورة البقرة، آية:184
  6. رواه الدارقطني، في بلوغ المرام، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:190، صحيح.
  7. "المبحث الثاني: ما يلزَمُ الكبيرَ والعجوزَ إذا أفطَرا"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 4/1/2022. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن ابو هريرة، الصفحة أو الرقم:6087، صحيح.
  9. محمود عبد اللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصيام، صفحة 215. بتصرّف.