إنّ الصيام من العبادات الجليلة التي يتقرّب بها المسلم إلى الله تعالى، وقد رتّب الله تعالى عليها ثوابًا عظيمًا، وجاءت النصوص الشرعيّة من القرآن الكريم والسنة النبويّة حاثَّةً عليه، ومبيِّنةً لأحكامه، ومن جملة الأحكام المتعلّقة بالصيام: حكم صحّة الصيام في أوقاتٍ وأيَّامٍ معيَّنةٍ، وآتيًا بيانٌ لحكم صيام يوم السبت وأقوال العلماء فيه.
هل يجوز صيام يوم السبت؟
يختلف حكم صيام يوم السبت تبعًا لأحوالٍ واعتباراتٍ متعدّدةٍ، وفيما يلي تفصيل هذه الأحوال وبيان أحكامها:[١]
- الحالة الأولى: يجوز صيام يوم السبت في حال كان لصيام فرضٍ؛ كرمضان أو قضاءً، أو كان صيامًا لكفّارةٍ.
- الحالة الثانية: يجوز صيام يوم السبت إن سُبق بصيام يوم الجمعة، ودليل ذلك ما رواه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين جويريّة رضي الله عنها: "أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا يَومَ الجُمُعَةِ وهي صَائِمَةٌ،فَقالَ: أصُمْتِ أمْسِ؟، قالَتْ: لَا، قالَ: تُرِيدِينَ أنْ تَصُومِي غَدًا؟ قالَتْ: لَا، قالَ: فأفْطِرِي".[٢]
- الحالة الثالثة: يجوز صيام يوم السبت إن وافق صيامه صيام أيَّامٍ مشروعةٍ للصيام؛ كيوم عاشوراء، ويوم عرفة، والأيّام البِيض من كلّ شهر، وستّة أيَّامٍ من شهر شوّال ونحوها؛ فالصائم في هذه الحالة يصوم لمشروعيّة اليوم، وليس لاختصاص يوم السبت.
- الحالة الرابعة: يجوز صيام يوم السبت في حال موافقته لعادةٍ عند الصائم؛ كمن اعتاد أن يصوم يومًا ويفطر يومًا.
- الحالة الخامسة: إفراد يوم السبت بصيام التطوُّع، وقد اختلف الفقهاء في حكمها وآتيًا تفصيل القول فيه:[٣][٤]
- ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والشافعيّة والحنابلة إلى القول بكراهة إفراد يوم السبت بصيام التطوّع، ودليلهم في ذلك ما روته الصمّاء بنت بسر رضي الله عنها: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: لا تصوموا يومَ السبتِ، إلا فيما افتُرِضَ عليكم،فإن لم يَجِدْ أحدُكم إلا لِحَاءَ عنبةٍ أو عودَ شجرةٍ فلْيَمْضُغْهُ"؛[٥] فيكره إفراده بالصوم عندهم، إلّا إن وافق عادةً للمسلم؛ كمن اعتاد صيام الأيّام البيض أو وافق ما شُرع صومه كعرفة وعاشوراء.
- ذهب المالكيّة إلى القول بعدم كراهة إفراد يوم السبت بالصيام تطوعًا.
الأيام المنهي عن صيامها
ورد في الشرع نهيٌ عن صيام أيّامٍ معيَّنةٍ، منها ما كان النهي فيها تحريمًا، ومنها ما قُصد بالنهي عنها الكراهة، وآتيًا بيانها:[٦]
- صيام يوم العيد الأصغر والأكبر وهذان منهيٌّ عنهما بإجماع العلماء.
- صيام أيّام التشريق الثلاثة بعد يوم النحر؛ أي بعد اليوم الأول لعيد الأضحى، وقد أجاز الإمام الشافعي صيام أيام التشريق الثلاثة لسببٍ؛ كالنذر أو الكفارة أو القضاء.
- صيام يوم الشكّ وهو يوم الثلاثين من شعبان.
- إفراد الجمعة بالصيام، وجمهور الفقهاء على كراهة صيام يوم الجمعة منفردًا، لكن إن سبقه بصيام يومٍ أو صام بعده يومًا فلا كراهة في ذلك، أو إن كان صادف يوم الجمعة يومَ عرفة أو عاشوراء أو كان للشخص عادة بالصيام.
- صيام يوم السبت منفردًا وقد تمَّ بيان ذلك آنفًا.
- صيام الزوجة للنافلة وزوجها حاضرٌ غير مسافرٍ دون إذنه؛ فهي منهيةٌ عن ذلك.
- الوصال في الصوم؛ بألّا يفطر الصائم عند المغرب ويستمر في الصوم طول الليل إلى اليوم التالي.
المراجع
- ↑ الشيخ محمد صالح المنجد (8/3/2006)، "حكم صيام يوم السبت"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 27/10/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جويرية بنت الحارث أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1986، صحيح.
- ↑ عبد الرحمن الجزيري، كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 508. بتصرّف.
- ↑ خالد عبد المنعم الرفاعي (11/7/2007)، "صيام السبت ورأي العلامة الألباني "، طريق الاسلام، اطّلع عليه بتاريخ 27/10/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن الصماء بنت بسر المازني، الصفحة أو الرقم:744، حسن.
- ↑ إسلام أون لاين، "الأيام المنهي عن صيامها"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 27/10/2021. بتصرّف.