خَلقَ الله -عزّ وجلّ- الخَلْق وأكرمهم بالنِّعم ومتّعهم بها، ولذلك جاءت الشريعة الإسلاميّة السَمحة بما فيه الخيرَ والصلاح والرفعة للناس، ومن الأمور التي حرصت الشريعة عليها: حفظ النَّفس الإنسانية وتحليل الطيبات لها وتحريم الخبائث عليها، فحَرِصت على صحة الجسد وعلى صيانة النَّفس من الأذى فحرّمت كلّ طريق قد يُهلكها ويقضي عليها، قال الله -عزّ وجلّ- في بيان أهميّة الحفاظ على النَّفس وعدم إهلاكها: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا*وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا)،[١][٢] وفي المقال الآتي بيانٌ لحكم الدخان وتفصيل ما يتعلّق به.


ما حكم التدخين؟

الدُخان محرّمٌ استدلالاً بالعديد من الأدلة الصحيحة من القرآن الكريم والسنة النبوية، ولذلك وجب على كلّ مدخّنٍ ترك التدخين وعقد التوبة والرجوع إلى الله -تعالى- بصدقٍ، وفيما يأتي بيان أدلّة التحريم:[٣]

  • حرّم الله -سبحانه وتعالى- الخبائث والتي يندرج الدُخان تحتها؛ لِما فيه من الضرر على الأبدان، قال الله -عزّ وجلّ في تحليل الطيّبات وتحريم الخبائث: (الَّذينَ يَتَّبِعونَ الرَّسولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذي يَجِدونَهُ مَكتوبًا عِندَهُم فِي التَّوراةِ وَالإِنجيلِ يَأمُرُهُم بِالمَعروفِ وَيَنهاهُم عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنهُم إِصرَهُم وَالأَغلالَ الَّتي كانَت عَلَيهِم فَالَّذينَ آمَنوا بِهِ وَعَزَّروهُ وَنَصَروهُ وَاتَّبَعُوا النّورَ الَّذي أُنزِلَ مَعَهُ أُولـئِكَ هُمُ المُفلِحونَ).[٤]
  • حذّر الله -عزّ وجلّ- من التبذير وإضاعة المال، والدخان فيه إضاعةٌ للمال وهدرٌ له، قال -تعالى- عن حال المبذّرين: (إِنَّ المُبَذِّرينَ كانوا إِخوانَ الشَّياطينِ وَكانَ الشَّيطانُ لِرَبِّهِ كَفورًا).[٥]
  • نهى النبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن إلحاق الضرر والأذى بالنَّفس فقال: (لا ضررَ ولا ضِرارَ).[٦]
  • حذّر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من إلحاق أي أذى بالآخرين، إذ إنَّ المُدخنَ لا يؤذي نفسه فقط بل تتعدّى أذيته لغيره برائحة الدخان الكريهة، قال -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ المَلائِكَةَ تَتَأَذَّى ممَّا يَتَأَذَّى منه بَنُو آدَمَ).[٧]
  • يرتكب المدخّن كبيرةَ من كبائر الذنوب إن ظنَّ أن أمر التدخين هيَنٌ وأصرّ عليه ولم يلتفت إلى حُرمته بل كان فَرِحَاً مسروراً بشُربه.


حرص الشريعة الإسلامية على التطيّب والرائحة الزكيّة

حثت الشريعة الإسلامية على نظافة الأبدان والثياب وكلّ ما يتعلّق بالمسلم ليظهر دائماً في أحسن صورةٍ، وحثّت أيضاً على الطيب والتطيّب والابتعاد عن الروائح الخبيثة التي تعكّر صفو ونقاء أنفاسه وتسبّب الأذى للناس في بيوتهم وأسواقهم ومساجدهم وغيرها من أماكن اجتماعهم، والطيبُ والعطر سنةٌ نبويةٌ كانت ذات شأنٍ في حياة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فقد ثبت في الصحيح عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (ما شَمَمْتُ عَنْبَرًا قَطُّ، وَلَا مِسْكًا، وَلَا شيئًا أَطْيَبَ مِن رِيحِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَلَا مَسِسْتُ شيئًا قَطُّ دِيبَاجًا، وَلَا حَرِيرًا أَلْيَنَ مَسًّا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ)،[٨] فعلى المسلم الاقتداء بالنبيّ -عليه السلام- والحرص على أن يكون طيّب الرائحة في كلّ أحواله.[٩]


المراجع

  1. سورة النساء، آية:29-30
  2. الشيخ عبدالله المؤدب البدروشي (27/6/2010)، "التدخين"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 17/9/2021. بتصرّف.
  3. سماحة الدكتور نوح علي سلمان رحمه الله (29/7/2012)، "حكم شرب الدخان"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 17/9/2021. بتصرّف.
  4. سورة الأعراف، آية:157
  5. سورة الإسراء، آية:27
  6. رواه النووي، في الأربعين النووية، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:32، حسن.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:564، صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2330، صحيح.
  9. إسلام ويب (16/9/2015)، "الطِيب والعِطر سُنّة نبوية"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 17/9/2021. بتصرّف.