ما حكم السفر إلى بلاد الكفار؟
قال أهل العلم أن الأصل في السفر إلى بلد الكفر عدم الجواز إذا لم تدعُ ضرورةٌ أو حاجةٌ لذلك؛ لورود الأحاديث النبوية بالنهي عن إقامة المسلم في بلاد الكفر، والأمر بمفارقة الكفار؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (أنا بريءٌ من كلِّ مسلِمٍ يقيمُ بينَ أظْهُرِ المشرِكينَ)،[١]ولأن السفر والإقامة في بلاد الكفر خطرها عظيمُ على دين المسلم، وأخلاقه، وسلوكه، فهما ذريعة إلى فساد الدين، وضياع الخلق، والتآلف مع أهل الكفر وموالاتهم، والتأثر بصفاتهم، حيث إن الأصل في السفر الإباحة، وقد مُنع لبلاد الكفر للمفاسد المترتبة على ذلك، وقد قيّد أهل العلم إباحة السفر إلى بلاد الكفر بشروط وقيود معينة يجب أن تتحقق، فما هو محرمٌ تحريم الوسائل والذارئع، كالسفر إلى بلاد الكفر؛ فإنه قد يباح للضرورة أو الحاجة.[٢][٣]
ما حكم الإقامة في بلاد الكفار؟
إن الإقامة في بلاد الكفار حكمها كحكم السفر إليها، بعدم الجواز، إذا لم يكن هناك ضرورة أو حاجة، أو لم يكن غرض صحيح يدعو إلى الإقامة فيها.[٤]
شروط إباحة السفر إلى بلاد الكفار أو الإقامة فيها؟
أجاز أهل العلم للمسلم أن يسافر إلى بلاد الكفار أو يقيم فيها لغرضٍ صحيحٍ، أو دعت حاجة ضرورية للسفر؛ كالسفر لعلاج مرضٍ لا يتوفّر إلا ببلادهم، أو السفر لتعلم العلوم التي يحتاج إليها المسلمون ولا توجد في بلادهم، فلا يمكن الحصول عليها إلا في بلاد الكفر، أو السفر لتجارةٍ، ونحوه فهذه أغراضٌ صحيحةٌ يجوز السفر والإقامة من أجلها في بلاد الكفار،[٥] مقيّدة بشروط لا بدّ من توفّرها، وهذه الشروط هي:[٦][٧]
- أن يكون عند الإنسان علم يدفع به الشبهات، ودين يحميه من الشهوات؛ فيكون معتزاً بعقيدته، مبتعداً عن مواطن الفتن، عنده من العلم والإيمان وقوة العزيمة ما يبعده عن الانحراف، وما يطمئنه على الثبات على دينه والحذر من الانحراف والزيغ، فيأمن على دينه،
- أن يكون الإنسان مضمراً لعداوة الكافرين وبغضهم، مبتعداً عن موالاتهم ومحبتهم، فإن موالاتهم ومحبتهم مما ينافي الإيمان.
- أن يتمكّن الإنسان من إظهار دينه وإقامته في بلادهم، فيحافظ على أداء شعائر الإسلام، والقيام بما يجب عليه دون الإخلال بشيء من واجباته، فلا يقصّر في شيء مما يجب عليه.
- أن يكون الإنسان محتاجاً إلى السفر، كما تم بيانه، فيقيم بقدر الحاجة ثم يعود إلى بلاد المسلمين.
حالات إباحة السفر إلى بلاد الكفر أو الإقامة فيها
إن حكم السفر والإقامة في دار الكفار يختلف تبعاً لاختلاف النية والمقاصد والباعث على السفر والإقامة، حيث يختلف باختلاف حال المكلف؛ وذلك بحسب حاله، وغرض سفره، ومدى قدرته على إظهار دينه، وفيما يلي بيان بعض الحالات التي يباح من أجلها السفر إلى بلاد الكفر:[٨][٩]
- أن يسافر أو يقيم للدعوة إلى الإسلام ونشره والترغيب فيه، بشرط أن تتحقق الدعوة، وعدم وجود ما يمنع ذلك؛ لأن الدعوة إلى الإسلام من واجبات الدين.
- أن يسافر أو يقيم لدراسة أحوال الكافرين والتعرّف على ما هم عليه من فساد العقيدة، وبطلان التعبد، وانحلال الأخلاق والسلوك، فيحذّر الناس من الاغترار بهم ، ويبين للمعجبين بهم حقيقة حالهم، بشرط أن يتحقق مراده بدون مفسدة أعظم منه.
- أن يسافر أو يقيم لحاجة الدولة المسلمة وتنظيم علاقاتها مع دولة الكفر؛ كموظفي السفارات.
- أن يسافر أو يقيم لحاجة خاصة مباحة كالتجارة، والعلاج، والدراسة، فتباح الإقامة بقدر الحاجة.
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن جرير بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1604، صحيح.
- ↑ "حكم سفر المسلم إلى بلاد الكفر للإقامة والسكن فيها"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 31/7/2022. بتصرّف.
- ↑ أبو عاصم البركاتي، الولاء والبراء في الإسلام، صفحة 29. بتصرّف.
- ↑ "حكم سفر المسلم إلى بلاد الكفر للإقامة والسكن فيها"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 31/7/2022. بتصرّف.
- ↑ عبد المحسن العباد، شرح الأربعين النووية، صفحة 29. بتصرّف.
- ↑ أبو عاصم البركاتي، الولاء والبراء في الإسلام، صفحة 29. بتصرّف.
- ↑ اين عثيمين، شرح ثلاثة الأصول للعثيمين، صفحة 131-132. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 984. بتصرّف.
- ↑ "السفر للعمل في بلاد الكفار"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 31/7/2022. بتصرّف.