بيّن العلماء حكم تربية الكلاب بالنظر إلى المقصد والغاية من تربيتها وذهبوا في ذلك إلى حُكمَين بيانهما آتياً:


حالات جواز تربية الكلاب

يجوز تربية الكلاب وتعليمها للحراسة أو الصيد أو الرعي، قال الخطيب الشربيني في كتاب مغني المحتاج: (يجوز اقتناء الكلب لمَن يصيد به، أو يحفظ به نحو ماشيةٍ كزرعٍ ودربٍ، وتربية الجرو الذي يتوقّع تعليمه لذلك)، وتجدر الإشارة إلى أنه يجوز اقتناء الكلاب أيضاً بغرض تعليمها الحراسة أو الصيد ذلك إن كانت صغيرةً، استدلالاً بقول الله -تعالى-: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّـهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ).[١][٢]


حالات حُرمة تربية الكلاب

يُحرّم اقتناء الكلاب وتربيتها لغير حاجةٍ استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (مَن أمْسَكَ كَلْبًا يَنْقُصْ مِن عَمَلِهِ كُلَّ يَومٍ قِيرَاطٌ إلَّا كَلْبَ حَرْثٍ، أوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ)،[٣] فالكلب نَجِسٌ يستوجب غُسل ما لامسه سبع مرّاتٍ إحداهنّ بالتراب، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (طَهُورُ إناءِ أحَدِكُمْ إذا ولَغَ فيه الكَلْبُ، أنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولاهُنَّ بالتُّرابِ).[٤][٥]


مسائل أخرى متعلّقة بتربية الكلاب

إنّ اقتناء الكلاب لغير حاجةٍ من الترفيه والأمور غير الضرورية والتي حذّر منها الشَّرع لعدّة أسبابٍ بيان البعض منها آتياً:[٦]

  • إنّ اقتناء الكلب لغير ضرورةٍ أو حاجةٍ اتّباعٌ للهوى، والمؤمن الحقّ يتّبع أوامر الله -تعالى- وأوامر رسول -صلّى الله عليه وسلّم- وإن خالفت هواه ورغبته، إذ إنّ ما شُرع في الدَّين لم يُوجد إلّا لمصلحة العبد والرحمة به.
  • إنّ اقتناء الكلاب لغير حاجةٍ من أسباب انتقاص الأُجور، كما ثبت في الصحيح عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مَن أمْسَكَ كَلْبًا يَنْقُصْ مِن عَمَلِهِ كُلَّ يَومٍ قِيرَاطٌ إلَّا كَلْبَ حَرْثٍ، أوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ).[٣]


رعاية الإسلام للحيوان

أَوْلى الإسلام الحيوان عنايةً خاصةً وحثّ على المحافظة عليه والرفق به، وبيّن أنّ توفير الطعام والشراب والعناية واجبٌ على مَن يَملكها، وتوعّد من يتسبّب لها بأي أذى بالعقاب الشديد، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فيما يرويه عنه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: (دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، ولَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِن خَشَاشِ الأرْضِ)،[٧] وقد بيّن النبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ السعي في حاجة الحيوان المحتاج وإطعامه أو سقيه فيه منفعةٌ للساعي وينال بسبب ذلك الأجر العظيم من الله -سبحانه-، فقد روي عنه-صلى الله عليه وسلم-أنّه قال: (بَيْنما رَجُلٌ يَمْشِي، فاشْتَدَّ عليه العَطَشُ، فَنَزَلَ بئْرًا، فَشَرِبَ مِنْها، ثُمَّ خَرَجَ فإذا هو بكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فقالَ: لقَدْ بَلَغَ هذا مِثْلُ الذي بَلَغَ بي، فَمَلَأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أمْسَكَهُ بفِيهِ، ثُمَّ رَقِيَ، فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ له، فَغَفَرَ له، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، وإنَّ لنا في البَهائِمِ أجْرًا؟ قالَ: في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ)،[٨] فينال المسلم أجراً عظيماً في كلّ شيءٍ يبذله للحيوان.[٩]


المراجع

  1. سورة المائدة، آية:4
  2. لجنة الافتاء (22/11/2016)، "حكم تربية الكلاب وبيعها فيه تفصيل"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 16/9/2021. بتصرّف.
  3. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3324، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:279، صحيح.
  5. لجنة الإفتاء (15/6/2010)، "حكم تربية الكلاب في المنازل؟"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 16/9/2021. بتصرّف.
  6. إسلام ويب (15/6/2016)، "نصيحة لمن يحب اقتناء الكلاب لغير حاجة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 16/9/2021. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:3318، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2363، صحيح.
  9. محمد إلهامي، "حقوق الحيوان في الاسلام حق العناية"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 16/9/2021. بتصرّف.