اللعن في اللغةً السبُّ والشتم،[١] وأمّا اللعن في الشرع؛ فهو الطرد والإبعاد من رحمة الله عزّ وجلّ،[٢] وآتيًا بيانٌ لحكمه عمومًا وحكمه في أحوالٍ مختلفةٍ.


ما حكم اللعن؟

نهى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن اللعن، وعدّه من الذنوب العظيمة، ومن أشدّ آفات اللسان،[٣] إلّا أنّ حكم اللعن يختلف تبعًا لأحوالٍ وتفاصيل آتيًا بيانها:[٤]

  • لعن الكفار وأصحاب المعاصي بشكلٍ عامٍّ كأن يقول: لعن الله اليهود أو لعن الله الفاسقين أو لعن الله السارقين؛ فإنَّ هذا اللعن جائزٌ ولا بأسف فيه.
  • أن يكون اللعن لشخصٍ معيَّنٍ بذاته سواء أكان كافرًا أو فاسقًا؛ كأن يقول لعنة الله على فلان ويذكره، وهذا على ضربين:
  • أولًا: أن يكون هناك نصٌّ قد ورد فيه لعنه؛ كإبليس، أو من ورد فيه نصٌّ بموته على الكفر؛ مثل فرعون وأبي لهب وأبي جهلٍ؛ فيكون اللعن جائزًا.
  • ثانيًا: أن يلعن كافرًا أو فاسقًا على سبيل التعيين، ولم يرد نصٌ بلعنه كبائع الخمر أو من لعن والديه؛ فهذا ممّا اختلف العلماء في جواز لعنه؛ فمنهم من قال بالجواز ومنهم من قال بعدم الجواز، واستدلّ القائلون بعدم الجواز بأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- حين لعن أفرادًا من أهل الجاهليّة، نهاه الله تعالى عن ذلك في قوله: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ).[٥]


حكم لعن الظالم

إنَّ لعن الظالمين بشكلٍ عامٍّ جائزٌ؛ كأن يُقال: لعن الله الظالمين، وأمّا اللعن لفردٍ معيّنٍ؛ فتركه أحوط؛ لأنّه قد يتوب ويهتدي من الله تعالى؛ فمن الأفضل عدم لعنه.[٦]


حكم لعن عُصاة المسلمين

إنّ لعن العصاة من غير تعيين جائزٌ، فقد وردت العديد من الأحاديث التي فيها لعنٌ للعصاة لا لأشخاصهم بل لأفعالهم؛ فقد لعن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من لعن والديه، ومن آوى محدثًا وغير ذلك، وهذا من قبيل لعن الوصف وليس العين، أمّا لعن المسلم العاصي المعيّن فغير جائزٍ،[٧] وقد نقل الإمام القرطبي عن ابن العربي الاتفاق على حُرمة لعن العاصي بتعيينه، والدليل في ذلك أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- جاءه رجلٌ قد شرب الخمر لأكثر من مرّةٍ، فقام بعض الجالسين بلعنه لصدور هذا الفعل منه؛ فقال لهم النبيّ عليه الصلاة والسلام: "لا تكونوا عونَ الشيطانِ على أخِيكم"،[٨] فمن واجبات الأخوّة الرحمة والشفقة واللين والنصح.[٩]


حُكم لعن الجمادات

لا يجوز للمسلم لعن الجمادات والحيوانات؛ فقد ثبت النهي عن لعن ما لا يستحق اللعنة حتّى وإن لم يكن مُكلَّفًا، أو لم يكن من شأنه أن يعقل اللعنة أو يتأذّى بها؛ لما رواه أبو برزة الأسلمي من قوله: "بيْنَما جَارِيَةٌ علَى نَاقَةٍ، عَلَيْهَا بَعْضُ مَتَاعِ القَوْمِ، إذْ بَصُرَتْ بالنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَتَضَايَقَ بهِمِ الجَبَلُ، فَقالَتْ: حَلْ، اللَّهُمَّ العَنْهَا، قالَ: فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لا تُصَاحِبْنَا نَاقَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ. وَزَادَ في حَديثِ المُعْتَمِرِ لا أَيْمُ اللهِ لا تُصَاحِبْنَا رَاحِلَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ مِنَ اللهِ"،[١٠] والواجب على من فعل ذلك أن يتوب إلى الله تعالى ويقلع عن هذا الفعل، ولا يعوِّد لسانه على اللعن.[١١]


المراجع

  1. "تعريف و معنى لعن في معجم المعاني الجامع"، موقع المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2021. بتصرّف.
  2. الشيخ ندا أبو أحمد (23/11/2015)، "خطر اللعن وجزاؤه وعاقبته"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2021. بتصرّف.
  3. "النهي النبوي عنِ اللعن (لا تلاعنوا)"، إسلام ويب، 16/10/2019، اطّلع عليه بتاريخ 03/11/2021. بتصرّف.
  4. الشيخ محمد صالح المنجد (7/7/2003)، "حكم لعن المعين"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2021. بتصرّف.
  5. سورة آل عمران، آية:128
  6. سماحة الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله، "ما حكم لعن الكفّار والظَّلمة غير المعينين؟"، موقع سماحة الشيخ الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 24/10/2021. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، كتاب مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 40. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6781، صحيح.
  9. شمس الدين القرطبي، تفسير القرطبي، صفحة 189. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي برزة الأسلمي نضلة بن عبيد، الصفحة أو الرقم:2596، صحيح.
  11. الشيخ محمد صالح المنجد (9/7/2017)، "حكم لعن الجمادات"، الاسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 24/10/2021. بتصرّف.