حكم بيع السلام

بيع السَّلم جائزٌ إذا تحقّقت شروطه الشرعية، ويدلّ على مشروعيّته القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع أهل العلم، ومن النصوص الشرعية التي تدلّ على جوازه ما يأتي:[١]

  • من القرآن الكريم

قال الله -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ)،[٢] وقد فسّر ابن عباس -رضي الله عنه- الدَّيْن هُنا بدين السلم، كما أنّ الدَّيْن عامٌ يشمل السّلم.


  • من السنّة النبوية

ثبت عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: (قَدِمَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ وهُمْ يُسْلِفُونَ بالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ والثَّلَاثَ، فَقالَ: مَن أسْلَفَ في شيءٍ، فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، ووَزْنٍ مَعْلُومٍ).[٣]


والحكمة من مشروعيّة بيع السلم هو حاجة النّاس له، فالمزارعون وأصحاب التجارات والأعمال ونحوهم يحتاجون إلى النّفقة لتأمين السّلعة، فأُجيز السلم لقضاء حاجتهم والتّخفيف عنهم،[٤] فلا بأس أن يقبض المزارع أو التاجر الثمن ويؤجّل تسليم السلعة، مثل أن يقبض ثمن التمر ويؤجّل تسليمه إلى حين نضجه، فهذا جائزٌ بالاتّفاق[٥] إذا تحقّقت الشروط التي سيأتي ذكرها فيما يأتي.


شروط جواز بيع السلم

يُشترط لجواز بيع السلم ما يُشترط في عقد البيع عموماً، ويُضاف إلى ذلك عدّة شروطٍ خاصّة بالسّلم، يقول الزحيلي في كتابه الفقه الإسلامي: "أئمة المذاهب على أن السلم يصح بستة شروط: وهي أن يكون في جنس معلوم، بصفة معلومة، ومقدار معلوم، وأجل معلوم، ومعرفة مقدار رأس المال، وتسمية مكان التسليم إذا كان لحمله مؤنة ونفقة"،[٦] ونذكر هذه الشروط بشيءٍ من التفصيل في النقاط الآتية:[٧]


  • يُشترط أن يتمّ تسليم رأس مال السلم (ثمن السلعة) في مجلس العقد، فإذا تفرّق العاقدان قبل تسليم الثمن بطل العقد بحسب قول جمهور الفقهاء.


  • ذهب جمهور الفقهاء أيضاً إلى اشتراط معرفة الأجل، فيُشترط أن يكون المُسلَّم فيه (السلعة) مؤجَّلاً إلى وقتٍ معلوم، ولا يصحّ السّلم في الحال.


  • أن يغلب على الظنّ وجود المُسلّم في عند انتهاء المدّة المعلومة، بأن يكون عام الوجود في ذلك الحين، وهذا باتّفاق الفقهاء، فلا بدّ أن يكون تسليمه ممكناً وإلّا دخل في العقد الجهالة والغرر الممنوع.


  • أن يكون المسلّم فيه ممّا يُمكن ضبطه بالصفات حتى تنتفي الجهالة عنه، وأن يكون معلوم النّوع والوزن والجنس والصفات للمتعاقدين.[٨]


حكم تعذّر وجود المسلّم فيه عند أجله

إذا تعذّر وجود المُسلّم فيه -أي السلعة- عند انتهاء الأجل فيُشرع لربّ السّلم أن يفسخ العقد، وله أن يصبر إلى حين وجود المسلّم فيه إذا كان ذلك ممكناً، مثل أن يكون السلم في طلب ثمارٍ معيّنة، ولكنّ الشجر لم يحمل في هذه السنة، فيجوز فسخ العقد، وحينها يطلب ربّ السّلم رأس ماله، إذ يجب ردّ الثمن له إذا بطل العقد، وإن كان رأس المال تالفاً فيجب أن يُردّ له بدله.[٩]

المراجع

  1. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 273، جزء 2. بتصرّف.
  2. سورة البقرة، آية:282
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2240، صحيح.
  4. "حكمة مشروعية بيع السلم"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 10/5/2023. بتصرّف.
  5. عبد العزيز الراجحي، شرح عمدة الفقه، صفحة 10، جزء 28. بتصرّف.
  6. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 3605، جزء 5.
  7. مجموعة من المؤلفين، فقه المعاملات، صفحة 451، جزء 3. بتصرّف.
  8. "عقد السلم.. تعريفه .. شروطه وأحكامه"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 10/5/2023. بتصرّف.
  9. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 83، جزء 6. بتصرّف.