اهتمّت الشريعة الإسلاميّة بالجوانب الحياتيّة المختلفة المتعلِّقة بالإنسان، ونظّمتها بأحكامٍ وضوابط؛ فشرعت ما كان خَيِّرًا نافعًا له، ونهت عمّا فيه شرٌّ وضرٌّ له في دنياه أو آخرته، وفي هذا المقال حديثٌ عن حكم تبخير البيت بالحبّة السوداء وأحكام مسائلَ أخرى ذات صلةٍ.


ما حكم تبخير البيت بالحبّة السوداء؟

بيّن العلماء حكم التبخير تبعًا لنوعه وغرض استخدامه، وذلك وفق الآتي:[١]

  • نوعٌ يستخدمه السّحرة والكهنة؛ فهذا لا يجوز استعماله ولا التداوي به مطلقًا ولا خلاف في ذلك بين أهل العلم.
  • ونوعٌ يُستعمل للتبخّر به من باب التطيّب، من غير اعتقادٍ في أنّه ينفع الإنسان أو يمنع عنه الضرّ؛ فإنّه جائزٌ؛ لأنّ الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نصٌّ بتحريمها، وبناءً على ذلك فإنّه يجوز للمرء أن يُبخّر بيته أو نفسه أو ثوبه بالحبّة السّوداء تطيُّبًا بها؛ فالأصل في التبخر الإباحة إن كان بغير اعتقادٍ كما أسلفنا القول، وقد عُرِف البخور في عهد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ولم ينكره، فعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: "بيْنَما رَجُلٌ واقِفٌ بعَرَفَةَ، إذْ وقَعَ عن رَاحِلَتِهِ، فَوَقَصَتْهُ - أَوْ قالَ: فأوْقَصَتْهُ - قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اغْسِلُوهُ بمَاءٍ وسِدْرٍ، وكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْنِ، ولَا تُحَنِّطُوهُ، ولَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فإنَّه يُبْعَثُ يَومَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا"،[٢]فبدلالة المخالفة يدلُّ الحديث على جواز استعمال البخور للتطيّب به للمسلم الحي.


حكم التداوي بالحبّة السّوداء

حثّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على التداوي بالحبّة السّوداء أو حبّة البركة كما يسمّيها بعض الناس، وقد ذكر النّبي -عليه الصلاة والسلام- بعضًا من فوائد الحبّة السوداء؛ فقال: "فِي الحَبَّةِ السَّوْداءِ شِفاءٌ مِن كُلِّ داءٍ، إلَّا السَّامَ"،[٣] وتستخدم الحبة السوداء عند أهل المعرفة بعدّة طرقٍ؛ كأن تؤكل صرفًا، أو قد تُدق وتعجن بالعسل، وقد تخلط مع بعض الأدوية وتستخدم للعلاج، وغير ذلك من الاستخدامات النافعة.[٤]



حكم التبخّر للرقية

إنّ استعمال البخور في الرقية لا أصل له في السنّة النبوية ولا فعله الصحابة ولا السلف الصالح -رضوان الله عليهم-، ولا يجوز استعماله؛ لأنّ في استعماله تشبّه بأفعال الكهنة والمشعوذين، فعدم الجواز إنّما هو سدًا للذريعة لكثرة ما قد يقع من الانحرافات باستعماله، كما أنّ الاعتقاد بأنّ البخور ينفع في الرقية أو السّحر وغيره إنّما هو من اعتقادات المبتدعين والمشركين بالله تعالى من عبدة النجوم والنّصارى وغيرهم وتشبّه بأفعالهم. والرقية الشرعيّة إنّما تكون عند أهل التقوى والصلاح كفاية عن باقي الطرق المشتبهة.[٥]



حكم تبخير الميت قبل التغسيل وبعده

ذهب جمهور الفقهاء إلى استحباب استعمال البخور عند تغسيل الميّت، ويستحب زيادته عند عصر بطنه؛ لئلا يُشمّ منه رائحةٌ كريهةٌ، وتحنيط الميّت تطييبه من بخورٍ ونحوه؛ فبدلالة المخالفة يدلّ نهي النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن تبخير الميّت المُحرِم، على جواز التبخّر للميّت إن لم يكن مُحرِمًا.[٦]

المراجع

  1. %1$s&ampshare=https://islamqa.info/ar/answers/241971/هل-ينفع-التبخر-بالحبة-السوداء-والملح-من-السحر-والحسد-والعين "هل ينفع التبخر بالحبة السوداء والملح من السحر والحسد والعين"، اسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 24/11/2021. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1265، صحيح.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:5688، صحيح.
  4. %1$s&ampshare=https://www.islamweb.net/ar/fatwa/62318/ "التداوي بالحبة السوداء"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2021. بتصرّف.
  5. %1$s&ampshare=https://www.islamweb.net/ar/fatwa/130639/ "حكم استعمال البخور في الرقية"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2021. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 54. بتصرّف.