يقوم بعض الناس أحيانًا بعد زيارتهم للمقابر برشّ قبور أقربائهم بالماء، فما الحكم هذا الفعل؟ وما موقف الشرع منه ومن بعض الأفعال التي قد تصدر عند المقابر؟
حكم رش الماء على القبر
استحبّ أهل العلم أن يُرشَّ الماء على القبر بعد دفن الميت، والغاية منه أن يتماسك التراب ويحفظه من الانتشار، وقد صرّح الفقهاء من الحنفية، والشافعية، والحنابلة بأنّه يُسنُّ رشّ الماء على القبر بعد دفن الميّت؛ لما روي عن عائشة رضي الله عنها: "أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَشَّ على قَبْرِ ابْنِهِ إبراهيم"،[١] أما إذا كان رشّه للقبر لاعتقادٍ يعتقده؛ كأن يعتقد أنّ ذلك ينفع الميّت أو ما شابه، فهذا اعتقادٌ باطلٌ ولا أصل له، وهو اعتقادٌ محرَّمٌ غر مقبولٍ.[٢][٣]
أحكامٌ أخرى متعلِّقةٌ بالقبور
حكم الجلوس على القبر
ذهب العلماء إلى القول بتحريم الجلوس على القبر، واستدلّوا على ذلك بعدّة أدلةٍ، منها ما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "لَأَنْ يَجْلِسَ أحدُكم على جَمْرَةٍ فتَحْرِقَ ثيابَه، فتَخْلُصَ إلى جِلْدِه؛ خيرٌ له من أن يَجْلِسَ على قَبرٍ"،[٤] والنهي يقتضي التحريم.[٥]
حكم المشي على القبر
ذهب بعض الشافعيّة والحنابلة وهو مذهب الظّاهريّة، والألباني وابن باز من المعاصرين وغيرهم إلى القول بتحريم المشي على القبر، واستدلوا بعدّة أدلَّةٍ، منها ما روي عن جابرٍ رضي الله عنه أنّه قال: "نهى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنْ تُجَصَّصَ القبورُ، وأن يُكتَبَ عليها، وأن يُبنَى عليها، وأن تُوطَأ"،[٦] وما روي عن عُقبة بن عامرٍ -رضي الله عنه- عن النبيّ عليه الصلاة والسلام: "لأن أَمْشِيَ على جمرةٍ أو سيفٍ أو أخْصِفَ نعلي بِرِجْلي؛ أحبُّ إليَّ من أن أَمْشِيَ على قبرٍ مسلمٍ وما أبالي أوسطَ القبورِ".[٧][٥]
حكم الاتّكاء على القبر
ذهب بعض الشافعيّة والحنابلة إلى القول بتحريم الاتّكاء على القبر، واستدلّوا بعدّة أدلَّةٍ منها ما روي عن عمرو بن حزمٍ الأنصاريِّ -رضي الله عنه- قال: "رآنِي رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم وأنَا متكئٌ على قبرٍ فقالَ: لا تُؤْذِ صاحِبَ القبرِ"،[٨] ووجه الدلالة أنّ النهي جاء؛ لأنّ في ذلك أذيَّةٌ للميّت، وأذيَّةٌ المؤمن محرَّمةٌ شرعًا.[٥]
حكم قضاء الحاجة على القبر
اتّفق الفقهاء على حرمة قضاء الحاجة على القبر، واستدلوا بأدلَّةٍ، منها ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من تحريم الجلوس على القبر، فإن كان الجلوس على القبر محرَّمٌ؛ فإنّ قضاء الحاجة عليه أو عنده محرَّمٌ من باب أولى؛ لأن فيه انتهاكًا لحرمة القبور وأصحابها.[٩]
حكم الكتابة على القبر
اختلف أهل العلم في حكم الكتابة على القبر بين الكراهة وهو مذهب الجمهور، والحرمة وهو قول بعض أهل العلم، واستدلّوا بما روي عن جابرٍ -رضي الله عنه- من قوله: "نهَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أن يُجَصصَ القبرُ وأن يُقعدَ عليه وأن يُبنَى عليه، [ورد بزيادةٍ] وأن يُكتبَ عليه"،[١٠] والنهي يقتضي التحريم.[١١]
المراجع
- ↑ رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:48، رجاله رجال الصحيح خلا شيخ الطبراني.
- ↑ %1$s&share=https://islamqa.info/ar/answers/156412/رش-القبر-بالماء-ووضع-الحصباء-عليه "رش القبر بالماء ووضع الحصباء عليه"، اسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 28/11/2021. بتصرّف.
- ↑ "رش القبر بالماء بعد الدفن"، المكتبة الحديثية، اطّلع عليه بتاريخ 28/11/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:971، صحيح.
- ^ أ ب ت "الجلوس على القبر والاتكاء عليه ووطؤه"، الدرر السنية ، اطّلع عليه بتاريخ 28/11/2021.
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح الترمذي، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1052، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن عقبة بن عامر ، الصفحة أو الرقم:102، إسناده صحيح.
- ↑ رواه ابن حجر، في فتح الباري لابن حجر ، عن عمرو بن حزم، الصفحة أو الرقم:266، إسناده صحيح.
- ↑ "حكم قضاء الحاجة على القبر"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 28/11/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن باز ، في مجموع فتاوى ابن باز، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:221، الزيادة إسنادها صحيح.
- ↑ "حكم الكتابة على القبر "، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 28/11/2021. بتصرّف.