ما هو فرض الكفاية؟
فرض الكفاية هو: ما قصد الشّارع -سبحانه- أداءه بالجملة، مما هو متعلق بمصالح دينيةٍ أو دنيويةٍ، فإن قامت به مجموعة من المكلفين كفايةً سقط الإثم عن الباقين، ولا يجب على كلّ مسلمٍ مكلّفٍ، وهو بهذا المعنى يختلف عن فرض العين الذي هو طلب الشارع سبحانه من جميع المكلفين القيام به وإن قام به مجموعة منهم لم يسقط الإثم عن الباقين، كالصلاة والصيام وغيرهم، وعرّف الإمام الغزالي فرض الكفاية بأنّه: "كلّ مهم ديني يُراد حصوله ولا يُقصد به عين مَن يتولّاه"، ومن أمثلته: الأمر بالمروف والنهي عن المنكر، قال -تعالى-: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)،[١] والتفقّه بالدِّين أيضاً فرض كفايةٍ، قال -تعالى-: (وَما كانَ المُؤمِنونَ لِيَنفِروا كافَّةً فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهوا فِي الدّينِ وَلِيُنذِروا قَومَهُم إِذا رَجَعوا إِلَيهِم لَعَلَّهُم يَحذَرونَ)،[٢] ومن فروض الكفاية أيضاً: إنقاذ الغريق، وغسل الميت، وغيرها.[٣]
ما الفرق بين فرض الكفاية وفرض العين؟
يُفرّق بين فرض الكفاية وفرض العين من عدّة جاونبٍ، منها:[٤]
- تكرّر المصلحة: تتكرّر المصلحة بتكرّر أداء فرض العين بعكس فرض الكفاية الذي لا تتكرّر مصلحته بتكرّر أدائه، فعلى سبيل المثال: صلاة الظهر فرض عينٍ تتكرّر مصلحتها المتمثّلة بالخضوع إلى الله -تعالى- ومناجاته وتعظيمه بتكرّر أداء صلاة الظهر وغيرها من الصلوات الخمس المفروضة على المسلم في اليوم والليلة، أمّا الفروض الكفائية فلا تتكرّر المصلحة منها، فعلى سبيل المثال: نزول البحر لإنقاذ غريقٍ ما لا تتكرّر المصلحة بتكرّر النزول بعد إنقاذ الغريق.
- امتحان واختبار المكلّفين: يُقصد من فرض العين اختبار المكلّفين في كلّ فرض عينٍ، أمّا الفروض الكفائية فلا يتحقّق منها أي أختبارٍ للمكلّفين، إنّما المقصود منها وقوع الفعل فقط.
- تحقيق المصلحة: يُقصد من فرض العين تحقيق نصلحة الفرد بعكس الفرض الكفائي الذي يُقصد منه تحقيق مصلحة المجتمع.
- سقوط الإثم: يسقط الإثم في فرض العين عن المكلّف وحده الذي أدّاه ويبقى الإثم في ذمّة مَن امتنع عن أدائه، أمّا فرض الكفاية فيسقط الإثمّ عن كلّ المكلّفين إن فعله بعضهم.
ما هي المصالح التي تتحقق بطريق الكفاية؟
تتفرّع مصالح الأمة التي تتحقّق بطريق الكفاية إلى الأنواع الآتية:[٥]
- المصالح الدينية: كالإشتغال بالعلم الشرعي من طلب العلم، وتصنيف كتبه وحفظ كتاب الله وحفظ السنّة النبوية، ودفع الشبهات والاجتهاد فيما يستجدّ من قضايا، وكذا إقامة الشعائر الدينية كصلاة الجماعة، والجمعة والعيدين والكسوف والخسوف، والاستسقاء والاعتكاف، والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وتشميت العاطس.
- المصالح الدنيوية: كالاشتغال بالأمور الحياتية، وتعلّم الحِرف والصناعات المختلفة؛ كالزراعة والصناعة وغيرها.
- المصالح المشتركة: توجد مصالح مشتركة بين الدينية والدنيوية طلب الشّارع -سبحانه- من المكلفين القيام بها؛ كعيادة المريض، والتقاط اللقيط، وغسل الميّت وتكفينه وغيرها.
المراجع
- ↑ سورة آل عمران، آية:104
- ↑ سورة التوبة، آية:122
- ↑ عماد التميمي، الواجبات الكفائية وأثرها في تحقيق المقاصد الشرعية الضرورية، صفحة 460-461. بتصرّف.
- ↑ محمد حسن عبد الغفار، تيسير أصول الفقه للمبتدئين، صفحة 13. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 8-9. بتصرّف.