إنّ صيام شهر رمضان واجبٌ على كلّ مسلمٍ عاقلٍ بالغٍ قادرٍ مقيمٍ خالٍ من الأعذار الشرعيّة المانعة من الصيام، قال الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)،[١][٢] كما أنّ الشرع حدّد جملةً من الأمور التي يعدّ ارتكابها مفسدًا للصوم، ومنها الجِماع، وآتيًا حديثٌ عن حكم مداعبة الزوجة وأثرها على صحّة الصيام.


هل مداعبة الزوجة تُبطل الصيام؟

يمكن إجمال حكم مداعبة الزوجة للصائم وأثرها على صحته في العناوين الآتية.


هل مداعبة الزوجة مع إنزال المني تبطل الصيام؟

إذا حصلت المداعبة بين الزوجين في أثناء الصيام؛ فأنزل الصائم سواء كان الزوج أو الزوجة منيًّا كأثرٍ للمداعبة؛ فإنّ صومه فاسدٌ؛ لأنّ الإنزال الناتج عن المداعبة مشابهٌ للإنزال بالجماع فيما دون الفرج.[٣]


هل مداعبة الزوجة مع إنزال المذي تبطل الصيام؟

عند ثوران الشهوة للرجل أو المرأة إثر المداعبة يَسبق المنيّ سائلٌ يُطلق عليه المذيّ، وقد اختلف الفقهاء في حُكم من أنزل المذيّ في أثناء الصيام هل يفسد صيامه أم لا على أقوالٍ وآتيًا بيانها:[٣]

• ذهب الحنفيّة والشافعيّة إلى أنّ الصيام مع إنزال المذيّ لا يبطل.

• ذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنّ خروج المذيّ مبطلٌ للصيام والعلّة في ذلك أنّ هذا الخارج قد تخللته شهوةٌ؛ فأخذ حكم المنيّ.


هل مداعبة الزوجة دون إنزالٍ تُبطل الصيام؟

  • إنّ مداعبة الزوجة غير مفسدةٍ للصيام طالما أنّ كلا الزوجين لم يُنزلا منيًّا.[٤]
  • يرى الإمام مالك أنّ الرجل حال تقبيله لزوجته وتحرّك ذَكَره إثر هذه القُبلة حتى وإن لم يحصل إنزالٌ للمنيّ أو المذيّ فإنّ صيامه يُعدّ فاسدًا، وعليه أن يقضيه، وقد ذكر عبد الله بن شبرمة وهو أحد فقهاء الكوفة أنّ القبلة تعتبر من مفسدات الصيام.[٥]


هل تعدّ مداعبة الزوجين لبعضهما دون إنزالٍ منقصةً لأجر الصائم؟

اختلف الفقهاء على أقوالٍ فيما إذا كانت المداعبة منقصةً لأجر الصيام؛ فذهب المالكيّة إلى أنّ القُبلة أو المباشرة تُكره للصائم، وذهب عددٌ من الصحابة ومنهم أبو هريرة وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد -رضي الله عنهم- إلى أنّ القُبلة مباحةٌ للصائم ولا حرج فيها، فيما أجازها بعض الصحابة للشيخ الكبير ولم يجيزوها للشاب؛ خوفًا من أن تفضي به للجماع، لأنّه قد لا يستطيع أن يمسك نفسه ويكبح شهوته.[٥]


الأحكام المترتّبة على إفساد الصيام بنزول المنيّ

إذا داعب الزوج زوجته فنزل المنيّ، فإنّه يجب على قضاء هذا اليوم على من أنزل منيًّا؛ لأنّ صومه قد فسد وذلك باتّفاق المذاهب الأربعة، وحُكي الإجماع على ذلك، أمّا الكفارة؛ فإنّها لا تجب عليه على قول جمهور الفقهاء من الحنفيّة والشافعيّة والحنابلة؛ لأنّ النّص بوجوب الكفّارة ورد في الجِماع فقط، ولم يرد على ما سواه؛ لكون الجِماع أغلظ وأشد.[٦]

المراجع

  1. سورة البقرة، آية:183
  2. سعيد بن وهف القحطاني، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 48. بتصرّف.
  3. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 268. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 242. بتصرّف.
  5. ^ أ ب محمود عبد اللطيف عويضة، كتاب الجامع لأحكام الصيام، صفحة 252-253. بتصرّف.
  6. "خروج المني"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 08/12/2021.