حكم التسبيح باليد اليسرى
يجوز للمسلم أن يُسبّح الله -تعالى- بالكيفية التي أراد، سواء كان ذلك بيده اليُمنى أم اليُسرى أم بكلتا يديه، إذْ لم يرد نهيٌ عن التسبيح باليد اليُسرى، والتسبيح باليد اليُمنى أفضل، ولكن ذلك لا يعني أن التسبيح باليُسرى محرَّمٌ أو مكروه، ولا يُنافي جوازه، بل أقصى ما يُقال أنّ التسبيح باليمين أفضل؛ لأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يُحبّ التيامن في كلّ شيء.[١]
وقد كان النبي الكريم يوصي النساء بالاعتناء بالتسبيح والتهليل والتقديس، ويأمرهنّ أن يعقدن ذلك بالأنامل عموماً، وهذا يدلّ على أنّ الأمر في التسبيح باليدين واسع، سواءً كان باليد اليُمنى أو اليُسرى، لِذا قال ابن باز -رحمه الله-: "ثبت عن النبي ﷺ ما يدل على أن التسبيح باليمين أفضل، ومن سبح باليسار فلا بأس، أو سبح بهما جميعًا باليمنى واليسرى كل ذلك لا بأس به".[٢]
وقال أهل العلم إنّ التسبيح باليمين أفضل أيضاً؛ لأنّ النبي الكريم أرشد أن تكون الصدقة والإنفاق في سبيل الله باليد اليُمنى، كما أنّ الأكل يكون بها، وعمل الخير كذلك، ولمّا كان التسبيح عبادة مهمّة كان الأفضل أن يُسبّح المسلم بيده اليُمنى،[٣] ويدلّ على ذلك أيضاً ما ثبت عن عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ، في تَنَعُّلِهِ، وتَرَجُّلِهِ، وطُهُورِهِ، وفي شَأْنِهِ كُلِّهِ).[٤]
وقد ذكر عددٌ قليلٌ جداً من أهل العلم عدم جواز التسبيح باليد اليُسرى، واستدلّ مَن قال بذلك بما جاء عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- حيث قال: (رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يعقِدُ التَّسبيحَ. وفي زيادةٍ: بيمينِهِ)،[٥][٦] ولكنّ هذه الزيادة في الرواية ضعيفة، وضعّفها أكثر أهل العلم.[٧]
حكم التسبيح بكلتا اليدين
ذكر العديد من أهل العلم أنّ السُّنة التسبيح بكلتا اليدين وعدم الاقتصار على اليد اليُمنى، وممّن قال بذلك الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله-، وذهب أكثر أهل العلم إلى القول بأفضلية التسبيح باليد اليُمنى مع جواز التسبيح باليد اليُسرى، ويدلّ على ذلك عموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم- للنساء: (عليْكُنَّ بالتَّسبيحِ والتَّهليلِ والتَّقديسِ، واعقدنَ بالأناملِ، فإنَّهنَّ مسؤولاتٌ مستَنطقاتٌ ولا تغفُلْنَ فتنسينَ الرَّحمةَ).[٨][٦]
حكم التسبيح بالمسبحة
التسبيح بالمسبحة جائزٌ ولا بأس به، إذ لم يرد نهيٌ صريحٌ عن التسبيح بها، ولأنّها تُعين المسلم على ذكر الله -تعالى- وضبط عدد التسبيح، كما أنّه ورد عن أبي هريرة وسلمان الفارسي وغيرهم -رضي الله عنهم- ما يدلّ على جواز التسبيح بها، إذْ ذكر الطبراني أنّهم كانوا يُسبّحون على الحصى.[٩]
والمسبحة مثل الحصى، وبناءً على ذلك جاز التسبيح بها، مع اعتقاد أن السُّنة والأفضل هو التسبيح على الأنامل؛ اقتداءً بالنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، ولأنّه كان يُرشد أصحابه إلى عقد الأنامل بالتسبيح، ولذلك كان التسبيح على الأنامل أفضل، مع جواز التسبيح بالمسبحة.[٩]
المراجع
- ↑ "حكم عدّ التسبيح بكلتا اليدين"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 3/7/2023. بتصرّف.
- ↑ "جواز عقد التسبيح باليد اليسرى"، الموقع الرسمي للشيخ ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 3/7/2023. بتصرّف.
- ↑ عمر عبد الكافي، الدار الآخرة، صفحة 37، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:168، صحيح.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1502، صححه الألباني.
- ^ أ ب "هل عقد التسبيح بعد الصلاة يكون باليد اليمنى أم بكلتا اليدين؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 3/7/2023. بتصرّف.
- ↑ بكر أبو زيد، لا جديد في أحكام الصلاة، صفحة 57. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن يسيرة بنت ياسر، الصفحة أو الرقم:3583، قال الألباني حسن صحيح.
- ^ أ ب حسن أبو الأشبال، شرح صحيح مسلم، صفحة 22، جزء 4. بتصرّف.