الأضحية هي ما يُذبح من بهيمة الأَنعام؛ أي الغنم أو البقر أو الإبل في أيّام عيد الأضحى؛ تقرّباً إلى الله -عز وجلّ- وطمعًا في الأجر والثواب، وهي من العبادات المشروعة في كتاب الله وسنّة رسول الله، وقد حثّ عليها -عليه الصلاة والسلام- في مواضع كثيرةٍ؛ لِما فيها من التوسعة على الفقراء وسدّ حاجاتهم.[١]


حكم الأضحية يوم العيد

اتّفق الفقهاء على مشروعيّة الأُضحية، وأنّها شعيرةٌ من شعائر الدين، وأنّ تقديمها تقربًا إلى الله تعالى أفضل من التصدّق بقيمتها،

وأمّا حكمها فقد اختلفوا فيه على قولين، هما:[٢][٣]

  • ذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنّ الأضحية في العيد واجبةٌ على الموسر؛ أي الغنيّ القادر، وهو قول ربيعة، والليث بن سعد، والأوزاعي، والثوريّ، وقولٌ في مذهب مالك.
  • ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنّ الأضحية سُنّةٌ مؤكّدةٌ غير واجبةٍ، ويُكره تركها للقادر عليها.


وقد استدلّ الفريقان بجملةٍ من الأدلة منها:

استدل كلٌّ من الفريقين بعدّة أدلةٍ في المسألة، منها ما يلي:

  • استدل الحنفية على وجوب الأضحية بقوله عزّ وجلّ: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)،[٤] فقالوا إنّ المراد بالنحر: ذبح الأضحية، والمقصود بالأمر الوجوب،[٥] أما من السُنّة فقد استدلوا بقوله عليه الصلاة والسلام: "مَن كان له سَعة ولم يُضحِّ فلا يقربنّ مُصلانا"،[٦] ويُفهم من صيغة الحديث الوعيد والتهديد لِمن تَرك الأضحية، والوعيد يكون على ترك واجبٍ.[٧]
  • استدل الجمهور بقول النبي عليه الصلاة والسلام: "إذا رأيتُم هلال ذي الحجة وأراد أحدُكم أن يضحي؛ فليُمسك عن شعره وأظفاره"؛[٨] ففي الحديث تعليق الأضحية بالإرادة، والإرادة تفيد الاختيار ونفي الوجوب، واستدلوا أيضًا بما أُثر عن أبي بكرٍ وعمر -رضي الله عنهما- أنّهما كانا لا يُضحّيان؛ مخافة أن يعتقد الناس أنّ الأضحية واجبةٌ، والأصل عدم وجوبها.[٩][٥]


أحكام متعلّقة بالأضحية

حكم الاشتراك في الأضحية

يُقصد بالاشتراك في الأضحية أن يتشارك عددٌ من الأشخاص في ثمن أضحيةٍ واحدةٍ، على أن تكون الأضحية من البقر أو الإبل، أمّا إن كانت من الأغنام فلا تجوز، وقد رُوي عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قوله: "كُنَّا نَتَمَتَّعُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بالعُمْرَةِ، فَنَذْبَحُ البَقَرَةَ عن سَبْعَةٍ نَشْتَرِكُ فِيهَا"،[١٠] وتفصيل أقوال الفقهاء في حكم الاشتراك بالأضحية على النحو الآتي:[١١][١٢]

  • القول الأوّل: ذهب الشافعيّة والحنابلة إلى القول بجواز أن يشترك سبعة أفرادٍ في أضحيةٍ واحدةٍ، سواء أكانوا من بيتٍ واحدٍ أم لا، وسواء كانت الأضحية تطوّعًا أو أضحيةً واجبةً بنذر، وإن كان قصدهم جميعًا من الأضحية القُربة لله أم قَصَد أحدٌ منهم لحم الأضحية فقط، وقال داود الظاهري بجواز الاشتراك في الأضحية بشرط كونها أضحية تطوعٍ.
  • القول الثاني: ذهب الحنفية إلى جواز الاشتراك في ثمن الأضحية، بشرط أن يقصد السبعة المشتركون فيها التقرّب إلى الله تعالى لا اللحم.
  • القول الثالث: ذهب المالكيّة إلى القول بعدم جواز الاشتراك في الأضحية، وإن اشترك أكثر من فردٍ في الأضحية فإنّها لا تُجزئ أحدًا منهم.


حكم الأضحية عن الميّت

اختلف الفقهاء في حكم الأضحية عن الميّت وهبة ثوابها إليه على أقوالٍ، وبيانها على النحو الآتي:[١٣]

  • ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى القول بجواز التضحية عن الميّت، ويصل ثوابها إليه.
  • ذهب الشافعيّة إلى القول بأنّ الأضحية عن الميّت تصحّ فقط في حال أوصى الميت قبل موتها بأن يُضحى عنه.
  • ذهب المالكيّة إلى القول بأنّ الأضحية عن الميّت مكروهةٌ.

المراجع

  1. صالح السدلان، رسالة في الفقه الميسر، صفحة 94. بتصرّف.
  2. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2703-2704. بتصرّف.
  3. عبدالله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 119. بتصرّف.
  4. سورة الكوثر، آية:2
  5. ^ أ ب ابن عثيمين، أحكام الأضحية والذكاة، صفحة 215-218. بتصرّف.
  6. رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:120، إسناده حسن.
  7. عبدالله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 120. بتصرّف.
  8. رواه الإمام مسلم، في صحيح مسلم، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1977، صحيح.
  9. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 77. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1318، صحيح.
  11. حسن أبو الأشبال الزهيري، شرح صحيح مسلم، صفحة 21. بتصرّف.
  12. حسام الدين عفانة، المفصل في أحكام الأضحية، صفحة 93-94. بتصرّف.
  13. "حكم الأضحية عن الميت وإشراكه في ثوابها"، إسلام ويب، 07/03/2007، اطّلع عليه بتاريخ 24/10/2021.