حكم النقاب

يُراد بالنقاب: ما تستر به المرأة وجهها وتجعل فيه فتحةً للعينَين تمكّنها من النظر،[١] وقد اختلف العلماء في حكم النقاب هل هو واجبٌ أم مستحبٌ، وفيما يأتي ذكر أقوال العلماء في ذلك وذكر أدلتهم:


القول الأول: وجوب النقاب على المرأة

قال كلٌّ الشافعية والإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- بوجوب النقاب على المرأة ووجوب ستر وجهها أمام الرجال الأجانب عنها من غير الزوج والمحارم، وقد استدلّوا بعدّة أدلةٍ بيانها فيما يأتي:[٢]

  • الأدلة من القرآن الكريم: استدلّ الشافعية والإمام أحمد بعدّة آياتٍ قرآنيةٍ دلّت برأيهم على وجوب النقاب، منها:
  • قول الله -تعالى-: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّـهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)،[٣] وفُسّرت الآية السابقة بوجوب ستر المرأة لكلّ جسدها بالإضافة إلى وجهها وكفّيها، وقال الضحّاك: تدلّ الآية على وجوب ستر الوجه والكفّين.[٤]
  • قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)،[٥] وقال أكثر المفسّرين إنّ المقصود من الآية تغطية الوجه، إذ استدلّوا بأنّ الجلباب ما يستر الجسد من الرأس إلى الأسفل، وورد أيضاً في تفسير الآية: أن يُغطينَ وجوههنّ ورؤوسهنّ ولا يظهرُ منهنَ إلا عيناً واحدةً، وقيل المقصودُ أن يشددنَ جلابيبهنَ على مقدّمة رؤوسهنّ.[٦]
  • الأدلة من السنة النبوية: استدلوا أيضاً بعددٍ من الأحاديث النبوية التي منها:
  • ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (لَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ)،[٧] وفسّر ابن العربي الحديث قائلاً: (وذلك لأنّ سترها وجهها بالبرقع فرض إلّا في الحجّ، فإنّها ترخي شيئاً من خمارها على وجهها، غير لاصق به، وتعرض عن الرجال ويعرضون عنها).
  • ما ورد عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (المرأةُ عورةٌ، فإذا خرَجَتْ اسْتَشْرَفَها الشيطانُ)،[٨] فالحديث يدلّ على أنّ كل المرأة عورةٌ يجب عليها ستر كامل جسدها.


القول الثاني: استحباب النقاب للمرأة

قال الحنفية والمالكية إنّ النقاب مستحبٌ، ويجب إن وقعت الفتنة،[٩] واستدلّوا بقول الله -تعالى-: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)،[١٠] فقالوا إنّ استثناء الزينة الظاهرة من الستر يُراد بها الوجه والكفّين، واستدلّوا أيضاً بما ورد أنّ أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- دخلت على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وكان ترتدي ملابس رقيقةً، فقال لها: (يا أسماءُ إنّ المرأةَ إذا بلغتِ المحيضَ لم يَصلُح لها أن يُرى منها إلّا هذا وهذا وأشارَ إلى وجههِ وكفّيهِ).[١١]


المراجع

  1. "معنى النقاب لغة وشرعا"، إسلام ويب، 8/12/2013، اطّلع عليه بتاريخ 18/9/2021. بتصرّف.
  2. "حكم النقاب"، طريق الإسلام، 16/9/2009، اطّلع عليه بتاريخ 18/9/2021. بتصرّف.
  3. سورة النور، آية:31
  4. محمد بن جرير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، صفحة 158. بتصرّف.
  5. سورة الأحزاب، آية:59
  6. محمد بن جرير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، صفحة 324-325. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1838، صحيح.
  8. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:1173، حسن غريب.
  9. وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 217. بتصرّف.