حثّ الإسلام الزوج على إحسان معاملة زوجته، وأمره بحسن عشرتها كما جاء في قول الله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)،[١] وما روته أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ وأَنا خيرُكُم لأَهْلي"،[٢] وآتيًا في هذا المقال بيانٌ لحكمٍ متعلِّقٍ بعلاقة الزوج بزوجته، وهو حكم امتناع الزوج عن زوجته، وبعض ما يتّصل به من أحكامٍ.[٣]


ما حكم امتناع الزوج عن زوجته؟

لا يجوز للزوج أن يمتنع عن وطء زوجته ومجامعتها وقتًا طويلًا بقصد الإضرار بها، فقد نصّ الفقهاء على أن أطول مدَّةٍ يمكن للمرأة أن تصبر فيها على عدم معاشرة زوجها لها؛ هي أربعة أشهر، وهذا في الأوضاع الاعتيادية؛ فلا يجوز للزوج أن يمتنع عن معاشرة زوجته دون عذرٍ لأكثر من ذلك، وعليه أن يسعى لإعفافها وإشباع حاجتها الجنسيّة، وقد سُئل ابن تيمية عن ترك الزوج وطءَ زوجته مدة شهرٍ أو شهرين؛ فأجاب: "يجب على الزوج أن يطأ زوجته بالمعروف، وهو من أوكد حقها عليه: أعظم من إطعامها. والوطء الواجب قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة، وقيل بقدر حاجتها وقدرته، وهذا أصح القولين".[٤]


حكم امتناع الزوج عن النفقة

تعدّ النفقة حقًّا واجبًا للزوجة على الزوج في جميع الأحوال إلا حال نشوزها؛ أي في حال عصيانها لزوجها، فالنفقة حقٌّ لها ولو كانت غنيَّةً، ومن حقّها توفير المسكن المناسب لها، وقد أجمع العلماء على وجوب النفقة للزوجة، ومنهم من أجاز للزوجة في حال امتناع الزوج عن النفقة عليها وهو قادرٌ أن تمنعه من معاشرتها ولا تكون في ذلك آثمةً.[٥]


حكم امتناع الزوج عن الإنجاب

يعدّ الإنجاب حقًّا مشتركًا لكلا الزوجين، ولا يجوز لأحد الزوجين أن يمنع الآخر من الإنجاب، فليس من حقّ الزوج إلزام زوجته بالامتناع عن الإنجاب أو إرغامها على تناول حبوب منع الحمل، ولا يحق للزوج الامتناع عن زوجته في الفراش إن رفضت تلبية مطالبه بالامتناع عن الإنجاب.[٦]


حكم امتناع الزوج عن الكلام مع زوجته

ليس للزوج أن يمتنع عن الكلام مع زوجته لمدَّةٍ طويلةٍ؛ قال ابن قدامة: "فأما الهجران في الكلام فلا يجوز أكثر من ثلاثة أيام"، ويجوز للزوجة في هذه الحال طلب الطلاق إن أوقع امتناع الزوج عن الكلام معها ضررًا لها،إلّا أنّ الأجدر والأفضل ألّا تلجأ إلى طلب الطلاق إلا بعد سلك جميع سُبل الإصلاح الممكنة.[٧]


حكم امتناع الزوج عن تطليق زوجته

لا يحقّ للزوجة طلب الطلاق من زوجها دون سببٍ معتبرٍ شرعًا؛ كأن يكون الزوج مقصِّرًا في حقوقها أو ظالمًا لها، وفي حال امتناع الزوج عن تطليق زوجته، يُرفع الأمر إلى القاضي؛ ليفصل بينهما، ويحرم على الزوج أن يمسك الزوجة بقصد الإضرار بها، قال الله -سبحانه وتعالى- محذِّرًا من ذلك: (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ).[٨][٩]

المراجع

  1. سورة النساء، آية:19
  2. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3895، صحيح.
  3. الدرر السنية، " المَبحثُ الثَّاني: من حقوق الزوجة: حُسنُ العِشرةِ"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 26/10/2021. بتصرّف.
  4. إسلام ويب (22/2/2004)، "امتناع الزوج عن فراش زوجته ليس من حسن العشرة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 26/10/2021. بتصرّف.
  5. لجنة الافتاء (14/11/2018)، "حكم امتناع الزوج عن الإنفاق وأثره على الحقوق الزوجية"، دار الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 26/10/2021. بتصرّف.
  6. إسلام ويب (4/4/2012)، "حكم منع الزوجة من الإنجاب"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 26/10/2021. بتصرّف.
  7. إسلام ويب (10/3/2012)، "حكم هجر الزوجة في الكلام وعدم الأكل والشرب معها"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 26/10/2021. بتصرّف.
  8. سورة البقرة، آية:231
  9. الشيخ محمد صالح المنجد (3/10/2012)، "رفض زوجها الطلاق أو الخلع فهل تكون ناشزا إذا بقيت معه ولم تعطه حقه ؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 26/10/2021. بتصرّف.