شرع الله -سبحانه وتعالى- الزواج؛ لحِكمٍ وغاياتٍ عديدةٍ، منها: بقاء النْسل، واستمرار الخلافة في الأرض، ولإعفاف الزوجين، وصيانتهما عن الوقوع في المحرّمات والفواحش، التي تؤدي إلى فساد المجتمعات والأفراد،[١] وفيما يلي حديثٌ عن مسألةٍ من المسائل المتعلّقة بالعلاقة الزوجيّة، وهي: حكم امتناع الزوجة عن زوجها، وما يتّصل بها من أحكام.


ما حكم امتناع الزوجة عن زوجها؟

حثّ الإسلام المرأة على طاعة زوجها بالمعروف، والأصل أنّ امتناع الزوجة عن إجابة زوجها للجماع حرامٌ شرعًا، وله أن يطالبها به متى شاء، إلاّ عند اعتراضِ أسبابٍ شرعيّة مانعة، فإذا انتفعت الموانع وطالبها به، وجب عليها الإجابة، وهذا ما ذهب إليه الفقهاء؛ لمطلق الأدلّة الشرعيّة الدالة على وجوب الإجابة، وقد اعتبر الفقهاء امتناع المرأة في هذه الحالة بلا عذرٍ شرعيّ من النشوز، مستدلّين بالأدلة الآتية:[٢]

  • ما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "إذا دَعا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِراشِهِ، فأبَتْ أنْ تَجِيءَ، لَعَنَتْها المَلائِكَةُ حتَّى تُصْبِحَ".[٣]
  • ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "ما مِن رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إلى فِرَاشِهَا، فَتَأْبَى عليه، إِلَّا كانَ الذي في السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حتَّى يَرْضَى عَنْهَا".[٤]


ففي الأحاديث سابقة الذكر دلالةٌ على حُرمة امتناع الزوجة عن زوجها إذا أرادها، ما لم يضّرها أو يشغلها عن واجب شرعيٍّ؛ كأن كانت صائمةً صومًا واجبًا،[٥] ولا خلاف فيه بين أهل العلم، وعليها إن فعلت ذلك أن تتوبَ إلى الله تعالى، وكما حرّم الشرع امتناع الزوجة عن زوجها بغير عذرٍ؛ حرّم على الزوج الامتناع عن زوجته بغير عذرٍ كذلك، وأوجب عليه إعفافها بقدر حاجتها واستطاعته.[٢]


حكم امتناع المرأة عن زوجها لضرر جسدي

ينهَى الشرع عن إلحاق أحد الزوجين الضرر بالآخر؛ لذلك يجوز للمرأة أن تمتنع عن زوجها لضررٍ جسديّ يعود عليها، بحكم طبيبٍ ثقةٍ؛[٦] لقول النبي عليه الصلاة والسلام: "لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ".[٧]


حكم امتناع المرأة عن زوجها لعجز بدني

إذا امتنعت المرأة عن إجابة زوجها للجماع بسبب عجزٍ بدنيّ فعليّ؛ فلا حرج عليها في ذلك، لقول الله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا).[٨][٦]


حكم امتناع المرأة عن زوجها لسبب نفسيّ

إذا كان امتناع الزوجة عن زوجها لسببٍ نفسيّ؛ كنفرة بعض الزوجات من كثرة الجماع، أو ضعف الشهوة، وبالتالي عدم الرغبة، أو لغضبها من زوجها، ‏فكلّ هذا لا يعتبر مسوِّغًا شرعيًّا للامتناع؛ لأنّها قادرةٌ على إجابته، وما دامت قادرةً فلا تُعذر، وجديرٌ بالذكر أنّ على الزوج أن يحرصَ على معاشرة زوجته بالمعروف كما أمر الله عزّ وجلّ، وأن لا يحمّلها ما لا طاقة لها به، وعليه مراعاة شعورها، وتجنّب ما يضرّها ويؤذيها، ومعاملتها باللين والرفق.[٦][٩]


المراجع

  1. د.عبد المجيد الشهيدي (9-1-2012)، "مشروعية الزواج وفوائده"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 24-10-2021. بتصرّف.
  2. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 38.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:5193، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1436 ، صحيح.
  5. البهوتي، كشاف القناع عن متن الإقناع، صفحة 188. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت "حالات جواز امتناع المرأة عن إجابة زوجها"، اسلام ويب، 23-4-2014، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2021. بتصرّف.
  7. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عبدالله بن عباس وعبادة بن الصامت ، الصفحة أو الرقم:9880 ، حسن.
  8. سورة البقرة، آية:286
  9. "حكم امتناع الزوجة عن المعاشرة لكونها غضبى منه"، اسلام ويب، 13-6-2006، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2021. بتصرّف.