أباحت الشريعة الإسلامية للناس السعي لكسب الرزق، وشرعت لأجل ذلك سُبلًا حلالًا، ومن هذه السُّبل: البيع؛ قال الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ)،[١] إلّا أنّ إباحة البيع كمصدرٍ لكسب الرزق جاء مقيَّدًا بشروطٍ ومضبوطًا بضوابط شرعيّةٍ، ومن ضمن هذه الشروط والضوابط: تحديد ما يحلّ بيعه وما يحرم، وآتيًا تفصيل بيان حكم بيع السجائر أو الدخان وبعض الأحكام المتّصلة به.


ما حكم بائع السجائر؟

يحرم بيع السجائر أو الدخان والاتجار بها، وكذلك تصنيعها والعمل بأي وسيلةٍ لها صلةٌ بها؛ لأنّ الوسائل لها أحكام المقاصد، وما يوصل إلى الحرام يكون محرَّمًا مثله، وبالتالي فإنَّ المال المكتسب من بيع السجائر مالٌ حرام، ودليل ذلك قول النبيّ عليه الصلاة والسلام: "إنَّ اللَّهَ إذا حرَّمَ شيئًا حرَّمَ ثمنَهُ"،[٢][٣] والبائع للسجائر آثمٌ وعليه المبادرة بالتوبة النصوح والإنابة إلى الله -سبحانه وتعالى- والندم على ما مضى، وأن يعزم على عدم العودة لبيع السجائر، ومن تاب توبةً صادقةً تاب الله تعالى عليه؛[٤] لقوله عزّ وجلّ: (وَإِنّي لَغَفّارٌ لِمَن تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا ثُمَّ اهتَدى).[٥]


حكم العمل في محل تباع فيه السجائر

يعدّ العمل في محلٍّ أصل نشاطه مباحٌ، لكنّه يعرض ما هو محرَّمٌ كالسجائر؛ جائزٌ بشرط ألّا يُباشر العامل في بيع المحرّمات، ولا يكون معينًا عليه، وإلّا أصبح العمل محرَّمًا، وأمّا بالنسبة للراتب المأخوذ من هذا المكان فإنّه جائزٌ وحلالٌ ولا بأس به حيث يجوز معاملة صاحب المال المختلط.[٦]


حكم تأجير محلٍّ لغايات بيع السجائر ومستلزمات التدخين

لا يجوز تأجير مثل هذه المحلات لبيع السجائر؛ لما ترتّبه السجائر من أضرارٍ على الصحة والجسد، وكما يُعلم أنّ شرب السجائر قد تكون سببًا من أسباب الوفاة وقتل النفس،[٧] قال الله عزّ وجلّ: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).[٨]


حكم بيع السجائر الإلكترونية

تحتوي السجائر الإلكترونيّة على سائل النكوتين؛ وبالتالي فإنّها من حيث المواد المصنوعة منها تتشابه مع السجائر العادية ولا فرق بينهما، فكلاهما يحتويان على المادة المضرَّة بصحّة الإنسان؛ وهي بذلك تعدُّ محرَّمةً أيضًا مثل السجائر العادية، فلا يجوز شراؤها أو بيعها أو التجارة بها.[٩]


حكم بيع الأراجيل والمعسل

تعدّ الأراجيل محرَّمةً لما فيها من ضررٍ؛ وبالتالي يحرم تناولها وبيعها والإتجار بها، ويعدُّ كسبها محرَّمًا، والمال الناتج من بيعها خبيثًا، والله تعالى لا يقبل إلا ما كان طيِّبًا، ويلزم من تاجر بمثل هذه الأصناف أن يتوب إلى الله تعالى ويُقلع عن بيعها.[١٠]


حكم شرب الدخان

إنَّ شُرب الدُخان أو السجائر أو الأرجيلة محرَّمٌ؛ لما فيها من الأضرار والمفاسد، والله -سبحانه وتعالى- أحلّ الطيبات وحرّم الخبائث، والتدخين من الخبائث المهلكة للمال والمضيعة له، وهو سببٌ للإضرار بالنفس وفيه إضرارٌ بالغير كذلك، قال الله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ).[١١][١٢]


المراجع

  1. سورة البقرة، آية:275
  2. رواه الألباني، في غاية المرام، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:318، صحيح.
  3. خالد عبدالمنعم الرفاعي (10/9/2013)، "حكم بيع الدخان في البقالة"، طريق الاسلام، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2021. بتصرّف.
  4. سماحة الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله، "حكم شرب الدخان وبيعه والاتجار به"، موقع سماحة الشيخ الامام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2021. بتصرّف.
  5. سورة طه، آية:82
  6. إسلام ويب (30/10/2014)، "حكم العمل في محل يباع فيه الدخان"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2021. بتصرّف.
  7. مجلس الافتاء (8/10/2014)، "حكم تأجير الوقف لبيع لوازم التدخين"، دار الافتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2021. بتصرّف.
  8. سورة المائدة، آية:2
  9. الشيخ محمد صالح المنجد (26/8/2013)، "حكم شرب السيجارة الالكترونية"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2021. بتصرّف.
  10. عبد الحي يوسف (28/9/2009)، "زكاة الشيشة والجراك والمعسل "، طريق الاسلام، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2021. بتصرّف.
  11. سورة المائدة، آية:4
  12. إسلام ويب (18/6/2001)، "يحرم التدخين لاشتماله على أضرار كثيرة ومفاسد عظيمة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2021. بتصرّف.