فرض الله -عزّ وجلّ- على المسلم خمس صلواتٍ في اليوم والليلة، وجعل لها أوقاتًا مخصوصةً لتؤدّى فيها، قال الله عزّوجلّ: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)،[١] وآتيًا بيانٌ لحكم تأخير الصلاة عن وقتها، وحكم أدائها في آخر وقتها.


ما حكم تأخير الصلاة عن وقتها؟

اتفق أهل العلم على حُرمة تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها بغيرِ عُذرٍ شرعيٍ، والأعذار الشرعيّة التي تُجيز تأخير الصلاة عن وقتها، هي: شدة الخوف أو المرض، أو لنية جمع الصلاة جمع تأخيرٍ، أو لغلبة النوم، أو بسبب النسيان، وتأخير الصلاة عن وقتها يُعدّ من الكبائر التي توعّد الله تعالى من يفعلها بالويل والعذاب، قال الله تعالى: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ)،[٢] ويدل على جواز تأخيرها بِعُذرٍ؛ ما رواه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال يوم الأحزاب: "شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الوُسْطَى، صَلَاةِ العَصْرِ، مَلأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، ثُمَّ صَلَّاهَا بيْنَ العِشَاءَيْنِ، بيْنَ المَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ".[٣][٤]


حكم تأخير الصلاة لآخر وقتها

اتّفق الفقهاء على جواز أداء الصلاة في كافة أجزاء الوقت المتاح لها، وهذا من رحمة الله -عزّ وجلّ- بعباده؛ ورفعًا للحرج عنهم، فلا إثم على المسلم في تأخيرها وإن كان لآخر الوقت؛ ما لم يخرج وقت الصلاة، وذلك لحديث النبيّ عليه الصلاة والسلام: "ليس في النومِ تفريطٌ؛ إنما التفريطُ في اليَقَظَةِ أن تُؤِخِّرَ صلاةً حتى يَدخلَ وقتُ أخرى[٥] قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في من يؤخّر الصلاة أثناء وقتها المتاح: "ظنّ بعض الناس أنه يجب عليه أن يصلي من حين أن تسمع الأذان هذا أيضًا لا صحة له، لهو أن يصلي في أوّل الوقت أو وسط الوقت أو في آخر الوقت، إلّا أنّه من المعلوم أنّ الصلاة في أوّل الوقت أفضل، إلّا في صلاة العشاء فإنّ الصلاة في آخر الوقت أفضل".[٦]


حكم القضاء لمن أخّر الصلاة عن وقتها

اتّفق العلماء من الأئمّة الأربعة على أنّ من فاتته صلاة حتّى خرج وقتها بعذرٍ معتبرٍ كالنسيان، والنوم، لا إثم عليه، إلّا أنّه يلزمه القضاء فور تذكرها أو انتهاء العذر، يقول النبيّ عليه الصّلاة والسّلام: "إذا نسِيَ أحدُكم صلاةً أو نام عنها فلْيُصلِّها إذا ذكرَها"،[٧] ولا خلاف بين الفقهاء على أنّ من فاتته الصلاة فخرجت عن وقتها دون عذرٍ، فإنّه يُعتبر مرتكبًا لكبيرةٍ من الكبائر، وأكثر أهل العلم على أنّه لا يُكفّر، حتى وإن أتى موبقةً من الموبقات، ويلزمه قضاؤها، مع التوبة وكثرة الاستغفار، وعليه الحذر من تضييع الصلاة والتهاون فيها،[٨] ويرى أئمّة الشافعيّة أنّ تأخير الصلاة بسبب النسيان يُعذر صاحبه به إذا لم يكن بسبب تقصيره أو انشغاله بلعبٍ أو لهوٍ أدى إلى النسيان وتسبّب به.[٩]


المراجع

  1. سورة النساء، آية:103
  2. سورة الماعون، آية:4-5
  3. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن علي بن أبي طالب ، الصفحة أو الرقم:627، صحيح.
  4. [التويجري، محمد بن إبراهيم]، كتاب موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 450. بتصرّف.
  5. رواه الألباني ، في صحيح أبي داود، عن أبي قتادة، الصفحة أو الرقم:441، صحيح.
  6. "الصلاة في جميع أجزاء الوقت جائزة"، إسلام ويب، 29/6/2010، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2021. بتصرّف.
  7. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي قتادة ، الصفحة أو الرقم:807، صحيح.
  8. [عبد الكريم الخضير]، كتاب شرح عمدة الأحكام، صفحة 6. بتصرّف.
  9. [وهبة الزحيلي]، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 1153. بتصرّف.