ما حُكم صلاة التسبيح؟

صلاة التسابيح هي: صلاةٌ من صلوات النوافل والتطوّع تؤدّى بكيفيةٍ مخصوصةٍ، وإنّما سميّت بذلك الاسم لأنّها مشتملةٌ على الكثير من تسبيح الله، ففي كلّ ركعةٍ خمسٌ وسبعون تسبيحةٌ،[١] وقد اختلف العلماء في حُكم صلاة التسبيح، وفيما يأتي بيان حكمها عند كل مذهبٍ من المذاهب الفقهية:

  • الحنفيّة: قالوا إنّها مُستحبةٌ في كلّ وقتٍ باستثناء الأوقات المنهي عن الصلاة فيها،[٢] وقد نُهي عن الصلاة من بعد صلاة الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس بربع ساعةٍ تقريباً، ومن قبل صلاة الظهر بربع ساعةٍ إلى رفع الأذان، ومن بعد صلاة العصر إلى رفع أذان المغرب.[٣]
  • المالكيّة: قالوا إنّها غيرُ مستحبة مستدلّين بأنّ الحديث إلى يُستدلّ بعه على صلاة التسابيح لا يرقَ لدرجة الحديث الصحيح أو الحَسَن، وأنَّ الإمام الترمذي ذكره من باب الضعف والتنبيه عليه لئلا يعتقد أحدٌ أنّه صحيحٌ.[٤]
  • الشافعيّة: قالوا إنّها مستحبةٌ.[١]
  • الحنابلة: قالوا إنّ صلاة التسبيح غير مستحبةٍ؛ لعدم ثبوت حديثٌ صحيحٌ فيها.[٥]


كيف تؤدى صلاة التسبيح؟

تؤدى صلاة التسبيح أربع ركعات إمّا بالتسليم من كلّ ركعَتين أو بالتسليم مرةً وحدةً بعد الركعة الرابعة، وتؤدّى كغيرها من الركعات فيقرأ المصلّي سورة الفاتحة وما تيسّر له من آيات القرآن إلّا أنّها تختلف بترديد وقول: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر) في مواضع محدّدةٍ بيانها آتياً:[٦]

  • التسبيح خمس عشرة مرةً في كلّ ركعةٍ بعد قراءة سورة الفاتحة وما تيسّر من القرآن وقبل الركوع.
  • التسبيح عشر مراتٍ في كلّ ركوعٍ.
  • التسبيح عشر مراتٍ عند الرفع والقيام من كلّ ركوعٍ وقبل النزول للسجود.
  • التسبيح عشر مراتٍ في السجود الأول وعشر مراتٍ في الجلوس بين السجدَتين وعشر مراتٍ في السجود الثاني، وعشر مراتٍ بعده قبل القيام.
  • التسبيح عشر مراتٍ بعد التشهد الأول وعشر مراتٍ بعد الثاني قبل السلام.


ما فضل صلاة التسبيح؟

صلاة التسبيح سببٌ من أسباب مغفرة الذنوب والخطايا، استدلالاً بما ورد عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال للعبَّاسِ بنِ عبدِ المُطَّلبِ: يا عبَّاسُ، يا عمَّاهُ، ألا أُعطيك؟ ألا أَمنَحُك؟ ألا أَحْبوك؟ ألا أَفعَلُ بك؟ عشْرُ خِصالٍ إذا أنت فعَلتَ ذلك، غفَرَ اللهُ لك ذنبَك أوَّلَه وآخِرَه، قديمَه وحديثَه، خطَأَه وعمْدَه، صغيرَه وكبيرَه، سِرَّه وعلانيَتَه، عشْرُ خِصالٍ: أنْ تُصلِّيَ أربعَ ركَعاتٍ تَقرَأُ في كلِّ ركعةٍ فاتحةَ الكِتابِ وسورةً، فإذا فرَغتَ مِن القراءةِ في أوَّلِ ركعةٍ وأنت قائمٌ قُلتَ: سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ...)،[٧] ويرجع سبب تكفير صلاة التسبيح للذنوب والخطايا إلى أنّها تجمع بين أجر الصلاة وأجر التسبيح وقد وردت عدّة أحاديث صحيحةٍ تدلّ على تكفير الذنوب بالصلاة والتسبيح، ومن تلك الأحاديث:[٨]

  • أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: (أنَّ رَجُلًا أصابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فأتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخْبَرَهُ فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ، إنَّ الحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ} [هود: 114] فقالَ الرَّجُلُ: يا رَسولَ اللَّهِ ألِي هذا؟ قالَ: لِجَمِيعِ أُمَّتي كُلِّهِمْ).[٩]
  • أخرج البخاري في صحيحه عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن تَعارَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَقالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَديرٌ، الحَمْدُ لِلَّهِ، وسُبْحَانَ اللَّهِ، ولَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أَكْبَرُ، ولَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أوْ دَعَا؛ اسْتُجِيبَ له، فإنْ تَوَضَّأَ وصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ).[١٠]

المراجع

  1. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 150. بتصرّف.
  2. نجاح الحلبي، كتاب فقه العبادات على المذهب الحنفي، صفحة 108. بتصرّف.
  3. محمد صالح المنجد (29/12/2003)، "أوقات النهي عن الصلاة"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 6/10/2021. بتصرّف.
  4. محمد الأمير المالكي، كتاب ضوء الشموع شرح المجموع، صفحة 273. بتصرّف.
  5. موفق الدين ابن قدامة، كتاب المغني لابن قدامة، صفحة 98. بتصرّف.
  6. سماحة الدكتور نوح علي سلمان رحمه الله (15/7/2012)، "صفة صلاة التسابيح"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 18/9/2021. بتصرّف.
  7. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سنن أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1297، إسناده حسن وله شواهد يصح بها.
  8. د. مهران ماهر عثمان، "صلاة التسابيح"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 18/9/2021. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:526، صحيح.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم:1154، صحيح.