إنّ المساجد بيوت الله تعالى، ولها مكانةٌ عظيمةٌ في المجتمع المسلم، وقد اعتنى المسلمون بالمساجد وبنائها على أجمل نسقٍ، وفيما يلي بيانٌ للحكم الشرعيّ في زخرفة المساجد.


ما حكم زخرفة المساجد؟

بُنيت المساجد لعبادة الله تعالى وذكره، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى القول بكراهة تزيين وزخرفة المساجد والمبالغة في ذلك، فيكره زخرفة المسجد بالذهب أو الفضة أو الكتابة أو غير ذلك؛ لأنّها قد تُلهي المصلي وتشغله عن الخشوع والخضوع في صلاته عند النظر إليها، وعمارة المساجد ليس بتزيينها، وإنّما بإقامة الصلاة فيها، والاعتكاف، والتعليم، وذِكر الله تعالى، وغيرها ممّا يقرّب العبد من ربه فيصرفه عن الدنيا ويذكره بالآخرة ، وقد وردت في السنة أحاديث كثيرة دلت على النهي عن زخرفة المساجد ، منها ما روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قال: "ما أمَرْتُ بتشييدِ المساجدِ. قال ابنُ عباسٍ لَتُزَخْرِفُنَّها كما زخرَفَتِ اليهودُ والنصارى"،[١] وما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : "كانَ المَسْجِدُ مَسْقُوفًا علَى جُذُوعٍ مِن نَخْلٍ، فَكانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا خَطَبَ يَقُومُ إلى جِذْعٍ منها، فَلَمَّا صُنِعَ له المِنْبَرُ وكانَ عليه، فَسَمِعْنَا لِذلكَ الجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ العِشَارِ، حتَّى جَاءَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ"،[٢] ففي الأحاديث دليل على الحثّ على ترك التبذير والإسراف في تزيين المساجد، كما نبّه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على أنّ كثرة الانشغال بزخرفة المساجد من علامات الساعة؛ فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "لا تَقومُ السَّاعةُ حتَّى يَتباهى النَّاسُ في المساجِدِ"،[٣] كما لا يجوز الإسراف في تزيين المسجد من مال الوقف عند الحنفيّة والحنابلة وهو قولٍ عند الشافعية، وفاعله ضامنٌ.[٤][٥]


حكم بناء المسجد من المال الحرم

المال الحرام قد يكون حراماً لعَينه وقد يكون حراماً لكسبه، وبناءً على ذلك يختلف حكم استعمالها والانتفاع منها، وآتيًا بيان ذلك:[٦]

  • المُحرَّم لعَينه: فالمال المحرّم لعينه لا يجوز لآخذه الانتفاع به، بل يجب عليه ردّه لصاحبه، والتوبة إلى الله تعالى، ولا يُجزئه التبرّع به إلى المسجد إن كان قادرًا على ردّه، ولكن إن تعذّر عليه ردّه لصاحبه، فلا حرج في إنفاقه في مصالح المسلمين، ومنها بناء المساجد.
  • المُحرَّم لكبسه: كمال الربا، ومال بيع الخمر، ومال بيع المحرمات وغيرها؛ فهذا المال مُحرَّمٌ على من كسبه فقط، أمّا إن أعطاه لغيره بطريقٍ من الطرق المباحة فلا بأس في ذلك؛ كمن تبرّع به لبناء مسجدٍ، أو أنفق منه على زوجته وأولاده، أو دفعه إلى فقراء المسلمين، ولا يحتسب صدقةً يرجى منها ثوابٌ، كما ولا يحسب من مال الزكاة؛ لأنّه ليس مملوكًا لمن بيده، ولا يجوز إتلاف هذا المال، وطريق التوبة منه التخلّص منه.

المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:448، صحيح.
  2. رواه اليخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:3585، صحيح.
  3. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:9829، صحيح.
  4. %1$s&ampshare=https://islamqa.info/ar/answers/127987/حكم-تزيين-المساجد-وحكم-كتابة-الادعية-والايات-على-جدرانها "حكم تزيين المسجد"، اسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 25/11/2021. بتصرّف.
  5. %1$s&ampshare=https://www.islamweb.net/ar/fatwa/10687/ "حكم تزيين المساجد"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 25/11/2021. بتصرّف.
  6. "حكم بناء المساحد من المال الحرام"، اسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 25/11/2021. بتصرّف.