حكم تحليل الشخصيات

قبل بيان حكم تحليل الشخصيات لا بد من الإشارة إلى أنّ تحليل الشّخصيات ينقسم إلى أنواع؛ ويمكن تلخيصها في نوعين رئيسيين، هما:

  • النّوع الأوّل: ما يدخله الشرك والشّعوذات، ويقوم على أوهام وافتراضات غير منطقية.
  • النّوع الثاني: ما يكون قائماً على علم له قواعد وأسس، ومبنيّ على تجارب ودراسات علمية عميقة ومتخصّصة.


والحكم الشّرعي يكون بحسب الوسيلة والطريقة المتّبعة فيه، وهذا المقال يستعرض النّوعين بشيء من التّفصيل مع بيان حكم كلّ منهما.


تحليل الشخصيات الذي حرّمه العلماء

حرّم العلماء تحليل الشخصيات الذي لا يقوم على أساسٍ ومنهجٍ علمي، بحيث يدّعي أصحابه معرفة صفات الشخص وما يتعلّق به دون قرينةٍ صحيحةٍ وصريحة، ومن الأمثلة على ذلك ما يأتي:[١]

  • تحليل الشخصية عن طريق الخط المرسوم على اليد، بحيث يدّعي صاحبه الكشف عن الصفات النفسية والبدنية لصاحب خط اليد.
  • تحليل الشخصية بحسب خصائص سِرِّيّة؛ مثل: معرفة شخصيتك من خلال حروف اسمك، أو حيوانك ولونك المفضّل.
  • تحليل الشخصيات من خلال التوقيع وخطّ اليد.


وهذه الأمور لا تقوم على أي أساسٍ علميٍ، وليس هناك قرائن صريحة تدلّ على صحّة ما يقوله أصحاب هذه التحليلات، لِذا ذهب أهل العلم إلى أنّها في حقيقتها تعدّ من العرافة والكهانة، حتى وإن أُلبِست ثوباً جديداً فهي لا تختلف عن الأبراج وعن القول بأنّ مَن وُلِد في نجم كذا فسيكون حظّه كذا وكذا، والحقيقة أنّ هذه التحليلات مصدرها هو بعض الأسرار الفلسفية المُدَّعاة في بعض الكتب الوثنية الشرقية، بالإضافة إلى دَعوَى الكهّان وتنبّؤاتهم.[١]


وحذّر أهل العلم مِن إتيان هؤلاء النّاس لمعرفة الأسرار والصفات الشخصية منهم، لأنّ ما يقومون به ضربٌ من الكهانة والعرافة، والنبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: (مَن أتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عن شيءٍ، لَمْ تُقْبَلْ له صَلاةٌ أرْبَعِينَ لَيْلَةً)،[٢] وقد انتشر في الآونة الأخيرة العديد من الألعاب التي تُحلّل شخصية اللاعب بغير أسسٍ علمية واضحة، وبناءً على ذلك فقد حكم أهل العلم أيضاً بعدم جواز استخدامها.[٣]


وهناك العديد من نماذج تحليل الشخصية الأخرى التي يكون مبناها على التعميم غير الصحيح أو الجهل، مثل: معرفة شخصيتك من خلال حركة نظرتك، فمن كان ينظر للأعلى فهو كذا، ومن كان ينظر للأسفل فشخصيته كذا، ومثل: شخصيتك من خلال مشيتك، وطريقة نومك، فهذه نماذج مبناها على أسس غير منطقية، وإنْ تبعها الحديث عن ماضي وحاضر الشخص ومستقبله فتدخل أيضاً بالرجم بالغيب والكهانة.[٤]


تحليل الشخصيات الذي أجازه العلماء

يرى أهل العلم أنّ علم تحليل الشخصيات القائم على أسسٍ علمية ومنطقية جائزٌ لا حرج فيه،[٥] وهذا في الحقيقة يقوم به المختصّون النفسانيّون، ويعتمد تحليلهم للشخصية على طرق الاختبار الاستقرائية مثلاً والمقاييس العلمية،[٦] وتكون تحليلاتهم مبنيَّةً على سلوكيّات الشخص، وميوله الواضحة، ونحوها من الأسس، وهذا ليس من الرجم بالغيب أو التنجيم، وبناءً على ذلك فلا بأس بالأخذ بنتائج هذه التحليلات، مع أهمية الاعتقاد بأنّها أمور ظنّية غير مقطوعٍ بها.[٧]


ولتوضيح ذلك أكثر فقد فصّل في هذا الأمر الدكتورة فوزة الكردي المتخصّصة في مجال العقيدة والمذاهب، حيث وضّحت أنّ هذا النوع من تحليل الشخصيات يختلف عمّا سبق من التحليلات التي ذكرناها والتي تقوم على الرجم بالغيب والظنّ المحض والكذب، بل هذه التحليلات العلميّة قائمة على مقابلة الشخص من قِبل المختصّين، وملاحظة مشاعره وأفعاله في المواقف المختلفة حتّى تتشكّل لدى الأخصّائي بعد مدَّةٍ نتائج ملاحظاته.[٨]


ومن خلال هذه النتائج التي قامت على أسسٍ سلوكيّة ومعطياتٍ صحيحةٍ واضحةٍ يستطيع الأخصّائي أن يستشفّ ويفهم بعض خفايا شخصية مَن استشاره، وإعلامه بها، وإرشاده إلى كيفية تعديل السيِّئ منها وتنمية وتعزيز الحسن، حتى يُزكّي نفسه ويُغيّرها للأفضل، وهذا العلم في الحقيقة لا يكتفي بوصف الشخصية، بل يمدّ أصحابه مَن جاءهم بالنصيحة والإرشاد أيضاً.[٨]

المراجع

  1. ^ أ ب "حكم تعلم علم الجرافولوجي"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 25/1/2023. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم:2230، صحيح.
  3. "حكم صلاة من يمارس ألعاب تحليل الشخصية"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 25/1/2023. بتصرّف.
  4. "تحليل الشخصية عن طريق حروف كتابتك وتوقيعك من الكهانة والعرافة"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 25/1/2023. بتصرّف.
  5. "حكم تحليل الشخصية عن طريق لغة الجسد"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 25/1/2023. بتصرّف.
  6. "تحليل الشخصية.. أنواعها.. وأحكامها"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 25/1/2023. بتصرّف.
  7. "ما حكم تحليل الشخصية عن طريق بوصلة الشخصيات؟"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 25/1/2023. بتصرّف.
  8. ^ أ ب د. فوزة الكردي، "أنواع تحليل الشخصية شرك، علم، جهل"]، الخطباء، اطّلع عليه بتاريخ 25/1/2023. بتصرّف.