أجمع أهل العلم على أن الصدقة والدعاء يصل نفعهما إلى الميت بإجماع المسلمين، وإنّما كان الخلاف في الأعمال التطوعيّة الأخرى؛ كقراءة القرآن والصوم وغيرهما؛ فمنهم من قال أنّ الميت لا يصل إليه ثواب هذه الأعمال؛ لعدم الدليل، وقال آخرون أنّ الميت ينتفع بها،[١] وفيما يلي تفصيلٌ لأقوال أهل العلم وبيانٌ لأدلّة كلٍّ منهم.


ما حكم ختم القرآن للميت؟

القائلون بجواز ختم القرآن للميت ووصول ثوابها إليه:

ذهب أبو حنيفة وأحمد وبعض أصحاب الشافعيّ وغيرهم إلى القول بجواز ختم القرآن للميّتال ووصول ثوابه وثواب العبادات الأخرى إليه، واستدلّوا على ذلك بجملةٍ من الأدلّة:[٢]

  • قول الله تعالى في سورة النجم: (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)،[٣] قال أصحاب هذا الرأي أنّ هذا حقٌّ، وأنّ الإنسان لا يملك من السعي إلّا ما اكتسبه بنفسه، ولكن للغير أن يُهدي ويهب ملكه لمن شاء فينتفع به بإذن الموهوب له، كمن يقضي الدين عن صاحبه فيُبرأ ذمته.
  • قول النبيّ عليه الصلاة والسلام: "إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له"،[٤] رد أصحاب هذا الرأي على من قال بعدم وصول الثواب للميت بوجهين، أولهما: أنّه ذكر الولد هنا ودعاءه له خاصَّةً، فالولد من كسبه؛ لقول النبيّ عليه الصلاة والسلام: "إنَّ أَطيبَ ما أَكلَ الرَّجلُ مِن كَسْبِه، ووَلدُه مِن كَسْبِه"،[٥] فلمّا كان الأب هو الساعي في مجيء الولد كان الولد وكسبه من عمله، أمّا دعاء غير ولده فليس من كسبه كدعاء الأخ أو الأخت وغيرهم، ثانيًا: أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: "انقطع عمله إلا من ثلاث"، ولم يقل إنّه: لا ينتفع بعمل غيره، فإنّ ابنه من كسبه، فإن دعا له كان من عمله، أمّا إن دعا له غير ابنه لم يكن من عمله، ولكنّه ينتفع به.


القائلون بعدم جواز ختم القرآن للميّت وعدم وصول ثوابه إليه:

ذهب الإمام مالك في المشهور عنه والشافعيّ إلى أنّ ثواب قراءة القرآن لا يصل إلى الميّت، واستدلّوا بما يلي:[٦][٢]

  • عدم وجود دليلٍ يدلّ على جواز ذلك أو وصول ثواب ختم القرآن للميّت؛ فإنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لم يفعلها لأمواته من المسلمين، وكذا لم يفعلها الصحابة رضوان الله عليهم، والأصل في العبادات أنّها توقيفيَّةٌ إلّا ما ثبت بنص من الكتاب أو السنة.
  • قول الله تعالى في كتابه: (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)،[٣] فليس للإنسان إلا كسب أعماله، أما سعي غيره فهو للغير وليس ملكه.
  • الحديث السابق من قول النبيّ: "إذا مات ابن آدم.."، فلمّا كان من المعلوم أنّ الميت لا ينتفع بشيءٍ بعد موته، بيّن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ هناك أعمال فائدتها لا تنقطع بوفاته، وعند التأمّل في الحديث؛ فإنّه يدل على عدم وصول الثواب للميّت؛ لأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال ولدٍ صالحٍ يدعو له، ولم يقل يقرأ القرآن له.

المراجع

  1. %1$s&ampshare=https://www.islamweb.net/ar/fatwa/3406/ "حكم ختم القران للميت"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 23/11/2021. بتصرّف.
  2. ^ أ ب %1$s&ampshare=https://www.islamweb.net/ar/fatwa/3406/ "قراءة القرآن الكريم يصل ثوابها للميت"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 23/11/2021. بتصرّف.
  3. ^ أ ب سورة سورة النجم، آية:39
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1631، صحيح.
  5. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:4463، صحيح.
  6. "حكم قراءة القرآن لآخر حيا أو ميتا"، اسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 23/11/2021. بتصرّف.