ما حكم صلاة الجماعة للرجال؟

للفقهاء في حكم صلاة الجماعة للرجال أقوال عدة، بيانها كما يلي:


حكم صلاة الجماعة في الفرائض

تعددت أقوال الفقهاء في حكم صلاة الجماعة في الصلوات المفروضة غير صلاة الجمعة، وفيما يلي بيانها:[١][٢]

  • سنة مؤكدة؛ وهو مذهب الحنفية والمالكية، وقولٌ للشافعية؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (صَلَاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الفَذِّ بسَبْعٍ وعِشْرِينَ دَرَجَةً)،[٣] حيث جعل -عليه الصلاة والسلام- الجماعة لإحراز الفضيلة وهذا شأن السنن، فصلاة الجماعة أكمل من صلاة المنفرد، والكمال إنما هو شيء زائد على الإجزاء والواجب، فدلّ ذلك على أن صلاة الجماعة من جنس المندوبات.
  • فرض كفاية؛ وهو مذهب الشافعية، وقول بعض فقهاء الحنفية؛ كالكرخي والطحاوي، وهو ما نُقل عن بعض المالكية؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن ثلاثةٍ في قريةٍ ولا بدوٍ لا تقامُ فيهمُ الصَّلاةُ إلَّا قدِ استحوذَ عليْهمُ الشَّيطانُ فعليْكم بالجماعةِ فإنَّما يأْكلُ الذِّئبُ القاصيةَ)؛[٤] فإذا أقامها البعض سقط الطلب عن الباقين، وذلك لإظهار شعيرة الإسلام وشعار الجماعة بإقامتها، في كل بلد صغير أو كبير.
  • فرض عين؛ وهو مذهب الحنابلة، وقولٌ للحنفية والشافعية، فقالوا أنها واجبةٌ وجوباً عينيًّا على الرجال؛ وقد استدلوا بعدة أدلة، منها: قول الله -تعالى-: (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ)،[٥] فالله -تعالى- أمر بصلاةِ الجماعة في صلاةِ الخوف، وذلك دليلٌ على وجوبها حال الخوف، ومن باب أولى وجوبها حال الأمن.

وأما بالنسبة لصلاة الجمعة فالجماعة فيها شرط لصحتها، فلا تنعقد الجمعة ولا تصح من غير جماعة، وهذا باتفاق الفقهاء.


حكم صلاة الجماعة في غير الفرائض

اتفق الفقهاء على جواز الجماعة في صلاة التطوع؛ حيث ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلّى في تطوعه بحذيفة بن اليمان ذات مرة، وصلّى بأنس بن مالك وأمه، إلا أنه كان أكثر تطوعه منفرداً، وقيّد المالكية جوازها إذا كانت الجماعة قليلة، وكان المكان غير مشتهر، فإن كثُر العدد أو اشتُهر المكان كرهت الجماعة، ويرى الحنفية أن الجماعة في التطوع في غير رمضان مكروهة.[٦]


ومن أمثلة صلاة التطوع؛ صلاة العيدين، والخسوف والكسوف، والاستسقاء، والتراويح، وغير ذلك؛ فقال الحنفية والحنابلة أن الجماعة في صلاة العيدين شرط صحة، وقال المالكية والشافعية أنها سنة، واتفقوا على سنيتها في صلاة الكسوف، وفي صلاة التراويح، وقال المالكية باستحبابها في التراويح.


ما حكم صلاة الجماعة للنساء؟

تعددت آراء الفقهاء في حكم جماعة النساء؛ فذهب الشافعية والحنابلة إلى استحباب الجماعة وسنيّتها لهنّ؛ منفردات عن الرجال، سواء أَمَّهُنَّ رجل أو امرأة؛ لحديث أم ورقة بنت نوفل -رضي الله عنها-: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يَزورُها في بَيتِها ، وجعلَ لَها مؤذِّنًا يؤذِّنُ لَها ، وأمرَها أن تؤمَّ أهلَ دارِها)،[٧] وقال الحنفية أن جماعة النساء مكروهة؛ لأن خروجهنّ إلى الجماعات يؤدي إلى الفتنة، وقال المالكية إذا كان النساء يصلين جماعة مع الرجال، فلا بأس إذا أُمِن الفتنة، أما إذا كان النساء يصلين فيما بينهن وتؤمهم امرأة، فلا يشرع؛ وذلك لأن شرط الإِمام أن يكون ذكراً.[٨][٩]


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 165-167. بتصرّف.
  2. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1167-1169. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:645، صحيح.
  4. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم:846، حسن.
  5. سورة النساء، آية:102
  6. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 168-169. بتصرّف.
  7. رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث، الصفحة أو الرقم:592، حسن.
  8. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 371. بتصرّف.
  9. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 167-168. بتصرّف.