حكم ما ذُبح لغير الله قُربةً وتعظيماً
يحرم الذّبح لغير الله -سبحانه وتعالى-، ويدلّ على ذلك قوله -تعالى-: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ)،[١][٢] وقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (لَعَنَ اللهُ مَن ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ)،[٣] واللّعن هو الطرد من رحمة الله -تعالى-، وهذا وعيدٌ شديدٌ في حقّ مَن ذبح لغير الله على سبيل التعظيم والتقرّب، والذبح لغير الله عام يشمل الذبح للنبيّ أو الملك أو الجنّ أو السلطان أو غير ذلك.[٤]
وهذا النّص عامٌ يشمل أيضاً ذبح الشاة أو البعير أو الدجاجة أو غيرها، واللّعن في حديث النبيّ هنا قد يكون دعاءً منه -صلى الله عليه وسلم- على من يفعل ذلك، وقد يكون إنشاءً؛ أي إنّ الرسول يُخبر أنّ الله لعن من ذبح لغيره -تعالى-، وهو أبلغ.[٥]
والذّبح لغير الله كبيرة من الكبائر، فمعلومٌ أنّ اقتران الذّنب باللّعن يدلّ على أنّه من الكبائر العظيمة، وهو يدخل في باب الشرك بالله -تعالى-، لِذلك قال الله -سبحانه- في سورة الكوثر: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)،[٦] أي افعل ذلك لوجه الله -تعالى-، فيخرج من ذلك الذّبح لغير الله.[٧]
حكم أكل لحم ما ذُبح لغير الله
يحرم أكل لحم ما ذُبح لغير الله -تعالى- على سبيل التّعظيم، فمَن ذبح لوليٍّ أو ملكٍ ثمّ قدّمه للنّاس لم يجز الأكل منه، لأنّ هذا الفعل -أي الذبح لغير الله- شِرك،[٨] ولأنّها أُهِلّ بها لغير الله، مصداقاً لقول الله -عز وجل-: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ).[٩][١٠]
حكم ما ذُبح بنيّة الأكل وإكرام الضيف
إذا ذبح المسلم ذبيحةً على سبيل الأكل أو لإكرام الضيوف فهذا جائزٌ ولا حرج فيه، ولا يعدّ مَن فعل ذلك مُشركاً حتى وإن كان ذبحه لغير الله، فقد يذبح المسلم شاةً؛ لأنّه يُريد أن يأكل منها، أو لوليمة عرس، أو لإكرام ضيفٍ، والذبح لإكرام الضيوف يدخل في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ)،[١١] فيُسمّي المسلم الله قبل الذبح ويُقدّمها للضيف بعد ذبحها.[١٢]
إذاً فالذبح المقصود بالحرمة هنا هو الذّبح لغير الله على سبيل التعظيم لهذا الشخص، مثل ما يفعله بعض النّاس لملوكهم أو علمائهم إذا أقبلوا عليهم، وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: "يجوز ذبح الذبيحة للضيف ويذكر اسم الله عليها عند الذبح، وليس ذلك داخلا في عموم قوله -تعالى-: (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ)،[١٣] بل المقصود في الآية ما ذبح لغير الله كالذبح للأموات ونحوهم تقربا إليهم، أما الذبح للضيف فالمقصود به إكرامه لا عبادته؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر بإكرام الضيف".[١٤]
مواضيع أخرى:
المراجع
- ↑ سورة الأنعام، آية:121
- ↑ عبد الكريم اللاحم، المطلع على دقائق زاد المستقنع، صفحة 274، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:1978، صحيح.
- ↑ عبد الله الفوزان، حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول، صفحة 100. بتصرّف.
- ↑ ابن عثيمين، مجموع فتاوى ورسائل العثيمين، صفحة 214، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ سورة الكوثر، آية:2
- ↑ صالح آل الشيخ، التمهيد لشرح كتاب التوحيد، صفحة 146-147. بتصرّف.
- ↑ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، صفحة 217، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية:3
- ↑ "ما حكم الذبح لغير الله؟ وهل يجوز الأكل من تلك الذبيحة؟"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 19/12/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6138، صحيح.
- ↑ ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين، صفحة 212، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية:3
- ↑ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، صفحة 224، جزء 1.