حكم أكل الحلزون

يُقسم الحلزون إلى قِسمَيْن، وهما: الحلزون البرّي، والحلزون البحري، فأمّا الحلزون البرّي فهو من الحشرات التي لا يوجد دم سائل لها، وأمّا البحري فهو من الحيوانات البحرية، ومن القواقع تحديداً، ولكلٍّ منهما حكمه المختلف،[١] وتوضيح ذلك فيما يأتي:


حكم أكل الحلزون البرّي

ذهب جمهور العلماء إلى القول بتحريم أكل الحلزون البرّي، إذْ يأخذ حكم الحشرات، وقد قال النووي -رحمه الله-: "مذاهب العلماء في حشرات الأرض... مذهبنا أنها حرام، وبه قال أبو حنيفة وأحمد وداود، وقال مالك: حلال".[١]


وهي مُحرَّمةٌ لأنّها من الحيوانات المستخبثة التي تنفر النّفوس السليمة من أكلها، وقد قال الله -سبحانه-: (... وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ...)،[٢] ولم يُنقل عن العرب سابقاً -الذي نزل القرآن بلغتهم- أنّهم أكلوا الحلزون البحري، لأنّ الطباع السليمة تستخبثه.[٣]


أمّا الإمام مالك فقد ذهب إلى القول بجواز أكل الحلزون، فقد سُئل عن شيءٍ في صحارى المغرب يتعلّق بالشجر ويُقال له الحلزون، فهل يجوز أكله؟ فقال: "أراه مثل الجراد، ما أُخذ منه حيّاً فسُلق أو شُوي فلا أرى بأكله بأساً، وما وُجد منه ميتاً: فلا يؤكل"،[٤] أي يجوز أكل ما تمّ شَوْيُهُ أو سَلْقُهُ لا ما مات لوحده.[٥]


حكم أكل الحلزون البحري

أجاز أهل العلم أكل الحلزون البحري، والتي تُسمّى بالقواقع الحلزونية، لعموم قول الله -عز وجل-: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ)،[٦] والحلزون البحري من صيد البحر، فيدخل في عموم هذه الآية الكريمة.[٧]


وقد علّق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على هذه الآية الكريمة موضِّحاً فقال: "صَيْدُهُ: مَا اصْطِيدَ، وَطَعَامُهُ: مَا رَمَى بِهِ"، وقال شُريح -رضي الله عنه-: "كُلُّ شَيءٍ فِي الْبَحْرِ مَذْبُوحٌ".[٨]


وتأكيداً على ما سبق فقد صحّ في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- عندما سُئِل عن ماء البحر قال: (هو الطَّهورُ ماؤهُ، الحلُّ ميتتُه).[٩]


حكم أكل الحشرات

تنقسم الحشرات إلى قِسميْن اثنين، فمنها ما له دم سائل؛ كالضبّ، والحية، والقنفذ، والفأرة، وغيرها، ومنه ما ليس له دم سائل؛ كالجراد، والوزغ، والعقرب، والبعوض، والذباب، وغيرها، وقد تعدّدت آراء الفقهاء في حكم أكل الحشرات باستثناء الجراد والدود والضب، وتوضيح أقوالهم فيما يأتي:[١٠]

  • رأي الحنفية

ذهب الحنفية إلى تحريم أكل جميع أصناف الحشرات، لأنّها من الأشياء المستخبثة التي ينفر منها أصحاب الطباع السليمة.


  • رأي المالكية

ذهب المالكية إلى القول بإباحة أكل جميع أصناف الحشرات إذا كانت غير مُضرّة، بشرط أن يتمّ تذكيتها، فإن لم يكن لها دم سائل فتُذكّى كما يُذكّى الجراد؛ بفعل ما يُعجّل موتها مع التسمية والنيّة، وإن كان لها دم سائل فيجب تذكيتها بقطع الحلقوم والودجين، ويكون ذلك مع النية والتسمية.


  • رأي الشافعية والحنابلة

فصّل الشافعية والحنابلة في حكم أكل الحشرات، فقالوا بإباحة بعضها لشبهها بالضبّ، أو لأنّها غير مستخبثة، ولكنّهم خالفوا بعضهم بإباحة وتحريم بعض الأنواع، فقد قال الشافعية بإباحة أكل ابن عرس والقنفذ، بينما ذهب الحنابلة لتحريمها.

المراجع

  1. ^ أ ب محمد صالح المنجد، الإسلام سؤال وجواب، صفحة 8000، جزء 5. بتصرّف.
  2. سورة الأعراف، آية:157
  3. "حكم أكل الحلزون البري"، المجلس الإسلامي للإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 11/7/2023. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، موسوعة صناعة الحلال، صفحة 231، جزء 1. بتصرّف.
  5. ابن جزي الكلبي، القوانين الفقهية، صفحة 116. بتصرّف.
  6. سورة المائدة، آية:96
  7. مجموعة من المؤلفين، موسوعة صناعة الحلال، صفحة 157، جزء 1. بتصرّف.
  8. "حكم أكل "الحلزون"، وهل يجوز طبخه حيّاً؟"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 11/7/2023. بتصرّف.
  9. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:69، صحيح.
  10. "حكم أكل الحلزون"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 11/7/2023. بتصرّف.