حكم إخراج زكاة الفطر نقداً

تعدّدت آراء الفقهاء في حكم إخراج زكاة الفطر نقداً، واستدلّ كلّ فريقٍ منهم بأدلَّةٍ شرعية معتبرة، وبيان هذه الأقوال فيما يأتي:


القول بعدم جواز إخراجها نقداً

ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى القول بعد جواز دفع زكاة الفطر نقداً، لعدم ثبوت ذلك في السنّة النبوية،[١] فيجب أن يتمّ إخراجها من الطعام؛ بدليل فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام -رضوان الله عليهم-، ولأنّ زكاة الفطر عبادة، والأصل في العبادة التوقيف، ولا يجوز التعبّد إلا بما شرعه الله -تعالى- ورسوله الكريم.[٢]


كما أنّ النصوص الشرعية دلّت على إخراج زكاة الفطر من الطعام، فلا يجوز العدول عنها إلى القيمة،[٢] وقد كانت النقود موجودةً في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومع ذلك لم يفعله هو ولا أصحابه، بل كانوا يُخرجونها من الطعام، ولو كان إخراج زكاة الفطر جائزاً بالنّقد والقيمة لبيّنه النبي -عليه الصلاة والسلام-.[٣]


القول بجواز إخراجها نقداً

ذهب الإمام أبو حنيفة إلى القول بجواز إخراج القيمة في زكاة الفطر، وتبعه على ذلك العديد من العلماء، وعليه العمل في المذهب الحنفي، وقد استدلّوا بقول الله -تعالى-: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً...)،[٤] وقالوا إنّ الأصل في الصدقة المال، ولأنّ إخراج زكاة الفطر نقداً أرفق بالفقير، وأنفع له، ويحصل به الإغناء.[٥]


كما أنّ الفقير حاجاته متنوّعة، وهو الأدرى بها، فيتمكّن بالنّقد أن يسدّ حاجته، وهو ما لا يحصل بالطعام، فقد لا يتيسّر له أن يستبدله إنْ كان لا يحتاجه، لذلك فإنّ القيمة تقضي حاجته أكثر، أمّا قول النبي الكريم بإخراج زكاة الفطر من الطعام فهو ليس للتقييد والحصر، وإنّما لرفع الحرج والتيسير في زمانهم، ولكنْ فضّل الحنفية في وقت الشدّة كالمجاعة إخراج الطعام بدلاً من القيمة.[٥]


أحكام تتعلق بزكاة الفطر

هناك العديد من الأحكام التي تتعلّق بزكاة الفطر، ومن أهمّها ما يأتي:[٦]

  • حكم زكاة الفطر

زكاة الفطر واجبةٌ على كل مسلمٍ مستطيعٍ، سواء كان ذكراً أم أنثى، كبيراً أم صغيراً، بدليل ما ثبت عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنّه قال: (فَرَضَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ علَى العَبْدِ والحُرِّ، والذَّكَرِ والأُنْثَى، والصَّغِيرِ والكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ).[٧]


  • وقت أداء زكاة الفطر

تجب زكاة الفطر بغروب شمس آخر يومٍ من أيام رمضان المبارك، وينتهي وقت أدائها بأداء صلاة العيد، فيجب أن تؤدّى قبلها، ويجوز أداؤها قبل العيد بيومٍ أو يومين.


  • نوع ومقدار زكاة الفطر

مقدار زكاة الفطر هو صاع من غالب قوت أهل البلد الذي ينتفعون منه عادةً؛ كالقمح والشعير والأرزّ والعدس والتمر ونحو ذلك، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: (كُنَّا نُعْطِيهَا في زَمَانِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَاعًا مِن طَعَامٍ، أوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ).[٨]


  • مصارف زكاة الفطر

تُعطى صدقة الفطر للأصناف المذكورة في قول الله -تبارك وتعالى-: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).[٩]

المراجع

  1. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 113، جزء 2. بتصرّف.
  2. ^ أ ب سعيد القحطاني، زكاة الفطر، صفحة 22. بتصرّف.
  3. أسامة سليمان، دروس الشيخ أسامة سليمان، صفحة 22، جزء 1. بتصرّف.
  4. سورة التوبة، آية:103
  5. ^ أ ب د. محمود الخطيب، حكم إخراج زكاة الفطر قيمة (نقدا)، صفحة 255-260. بتصرّف.
  6. "أحكام مختصرة في زكاة الفطر"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 13/6/2023. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1503، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:1508، صحيح.
  9. سورة التوبة، آية:60