حكم الجمع بين الزكاة والصدقة
لا يصحّ إخراج الزكاة والصدقة بنيَّةٍ واحدة؛ وأغلب أهل العلم يقولون بحصول واحدةٍ منها، وقد قال عمر الأشقر: "غالبية العلماء يرون أن من قصد أكثر من عبادة بالفعل الواحد تحصل واحدة منهما، ولا تبطل كلها".[١]
وسبب ذلك هو أنّ كلَّاً من الزكاة والفريضة عبادة مستقلة بذاتها، فالزكاة يجب أن يتمّ إخراجها بنيّة الزكاة المحضة المستقلة، ولا يصحّ الجمع بين فريضة ونافلةٍ في ذات الوقت، وإذا أخرج المسلم الزكاة بنيّة الزكاة والصدقة معاً لم يُجزئه الاثنتان، واحتسبت له تطوُّعاً عند العديد من الفقهاء، فعلى المسلم أن يُعيد إخراج الزكاة مرة أخرى، ولا يَضيع أجر ما أخرجه من الصدقة.[٢]
حيث يرى الشافعية أنّ إخراج دراهم بقصد الزكاة وصدقة النّافلة لا تقع به الزكاة، بل تُحتسب تطوُّعاً،[٣] وقد قال النووي -رحمه الله-: "لو أخرج خمسة دراهم، ونوى بها الفرض والتطوع، لم يجزئه عن الزكاة، وكانت تطوعا... دليلنا أنه لم تتمحض للفرض، فلم تصح عنه، كالصلاة".[٢]
أما الحنفية فقال أكثرهم إنّ التشريك في النية بين الفرض والنفل تُحتسب للفرض، وقيل: تكون تطوُّعاً، فمن أخرج المال بقصد الزكاة والتطوّع كان ذلك عن الزكاة، لأن الأحناف يرون أنّ العبادة الأوجب لها الأولوية،[١] وجاء عن محمد في المذهب أنّها تكون تطوُّعاً،[٣] ولعلّ من أبرز ما يدلّ على عدم صحة الجمع بين إخراج الزكاة والصدقة بنيَّةٍ واحدةٍ الفروقات الآتية:[٤]
- الزكاة فرضٌ، أما الصدقة فهي نافلة.
- الزكاة لا يصحّ أن تكون إلا في مصارفها الثمانية التي جاء ذكرها في القرآن الكريم، أما الصدقة فتكون في وجوه الخير عموماً.
- الزكاة تكون من أموالٍ مخصوصة، وبشروطٍ مخصوصة؛ كبلوغ النصاب، وحولان الحول، أما الصدقة فهي أعمّ، وتكون في جميع الأموال، ولا يُشترط فيها ما يُشترط في الزكاة.
- الزكاة مقيّدة بوقتٍ محدّد، أما الصدقة فتجوز في كلّ وقت.
من ضوابط التشريك في النية بين العبادات
إنّ ضابط جواز التشريك بين العبادات هو كون إحداهما غير مقصودة لذاتها، فصيام يوم عرفة مثلاً مقصودٌ لذاته، وصيام يومٍ في سبيل أو ثلاثة أيامٍ من كل شهرٍ غير مقصودٍ لذاته، فيصحّ صيام يوم عرفة ويدخل فيه أيضاً أنّه يومٌ في سبيل الله، ويصحّ كذلك غسل الجمعة والعيد في ذات الوقت، لأنّ مبناهما على التداخل، أما الزكاة والصدقة فكلٌّ منهما عبادةٌ مستقلةٌ ومقصودة، لِذا لا يُجمع بينهما بنيةٍ واحدة، كما لا يُجمع مثلاً بين فريضة الظهر وراتبتها.[٥]
حكم إسقاط الدَّيْن مقابل الزكاة
تعدّدت آراء الفقهاء في حكم إسقاط الدَّيْن مقابل الزكاة، فأجازه بعض أهل العلم، ومنعه الكثير منهم، وبيان أقوالهم فيما يأتي:[٦]
- لا يصحّ إسقاط الدَّيْن مقابل الزكاة
وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد، والقول الأصحّ عند الشافعي؛ وذلك لأنّ ذمّة المُزكّي لا تبرأ إلا بإقباض الزكاة، فإذا لم يحصل ذلك تبقى في ذمّته.
- يصحّ إسقاط الدَّيْن مقابل الزكاة
وهو قول عطاء والحسن البصري، لأنّ المدين الفقير لو دفع الدَّيْن إلى الدّائن ثمّ أخذه منه جاز ذلك، وكذا إذا لم يقبضه، واشترط أهل العلم لجواز ذلك عدّة شروط، وهي: أن يكون المدين عاجزاً عن سدّ دينه، وأن يُعلمه الدّائن بأنّ إسقاط الدَّيْن عنه كان مقابل زكاته له، وأن لا يكون الدّين بسبب التّجارة.
مواضيع أخرى:
المراجع
- ^ أ ب عمر سليمان الأشقر، مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين، صفحة 256-257. بتصرّف.
- ^ أ ب "لا يجوز دفع الزكاة بنية الزكاة والصدقة معًا"، دار الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2022. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 91-92، جزء 42. بتصرّف.
- ↑ محمد الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 16، جزء 98. بتصرّف.
- ↑ "المراد بالتشريك بالنية بين صوم مقصود لذاته وصوم غير مقصود لذاته"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 27/12/2022. بتصرّف.
- ↑ "إسقاط الدين مقابل الزكاة"، الإسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2022. بتصرّف.