حكم طلاق الحامل

يجوز للرجل أن يُطلّق زوجته في فترة حملها باتّفاق المذاهب الفقهية الأربعة، ولا يُعدّ طلاقاً بِدعياً، وقد نُقِل الإجماع على ذلك، ويدلّ على ذلك ما ثبت عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-: (أنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهي حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذلكَ عُمَرُ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا، أَوْ حَامِلًا).[١][٢]


وقد قال ابن القطّان في كتابه الإقناع في مسائل الإقناع: "ولا أعلم خلافًا أن طلاق الحامل إذا تبين حملها طلاق سنة إذا طلقها واحدة، وأن الحمل منها موضع للطلاق"،[٣] وبناءً على ذلك إذا تلفّظ الزوج بالطلاق الصريح على امرأته الحامل وقع وكان صحيحاً بالاتّفاق، ولا يمنع الحمل من وقوعه.[٤]


ما يترتب على طلاق الحامل

يجب على الرجل إذا طلّق زوجته الحامل أن يُنفق عليها طيلة مدّة حملها، ولها عليه فضلاً عن النفقة حقّ السكنى أيضاً طوال فترة العدّة التي تنقضي بوضع حملها؛ سواء كان الطلاق رجعياً أو بائناً.[٥]


ويجب على الزوج أن ينفق على المولود، فنفقة الأبناء واجبةٌ على أبيهم، ويجوز للأم والأب أن يتراضيا على نفقةٍ محدّدة، فإن اختلفا فلهما أن يرفعا أمرهما إلى القضاء حتى يقضي القاضي بينهما بالنفقة المستحقّة.[٦]


وإذا طلّق الرجل زوجته الحامل طلقةً واحدة أو اثنتين جاز له أن يُرجعها، وإذا انقضت عدّتها جاز الرجوع برضاها وبعقدٍ جديدٍ ومهرٍ جديد، أمّا إذا طلّق الرجل زوجته الحامل ثلاث طلقاتٍ فلا يجوز له إرجاعها، ولا تحلّ له إلا إذا تزوّجت زواجاً صحيحاً ومات عنها زوجها، ولا تختلف هذه الأحكام عن طلاق المرأة غير الحامل.[٦]


حكم طلاق في المرأة النّفاس

يعدّ طلاق المرأة في حالة النّفاس من الطلاق البدعيّ، والطلاق البدعيّ هو الطلاق الذي يُخالف الشرع، ويؤثم فاعله على ذلك، ومن الطلاق البدعيّ أيضاً طلاق المرأة في حال حيضها، أو تطليقها في طهرٍ جامعها فيه زوجها دون أن يتبيّن حملها،[٧] ورغم أنّ الطلاق في هذه الحالات بدعيّ إلا أنّه يقع باتفاق الأئمة الأربعة، سواءً كان مرةً واحدةً أو أكثر.[٨]


واستدلّ الفقهاء القائلون بوقوع الطلاق على المرأة في حال الحيض أو النفاس أو طهرٍ جامعها فيه زوجها بالعديد من النصوص الشرعية العامة، ومنها:[٩]

  • قول الله -تعالى-: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ).[١٠]
  • قول الله -تعالى-: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ).[١١]
  • ثبت عن ابن عمر -رضي الله عنه-: (طَلَّقْتُ امْرَأَتي وَهي حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذلكَ عُمَرُ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَتَغَيَّظَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى مُسْتَقْبَلَةً سِوَى حَيْضَتِهَا الَّتي طَلَّقَهَا فِيهَا، فإنْ بَدَا له أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا مِن حَيْضَتِهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَذلكَ الطَّلَاقُ لِلْعِدَّةِ كما أَمَرَ اللَّهُ).[١٢]


وذهب بعض أهل العلم إلى القول بعدم وقوع الطلاق البدعيّ، لأنّه محرّم، واستدلّوا بقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ)،[١٣] فقد أمر الله -تعالى- في هذه الآية أن يكون وقوع الطلاق في حالة طهر المرأة بغير جماع، وذهب إلى هذا القول ابن تيمية -رحمه الله- وغيره من أهل العلم.[١٤]

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1471، صحيح.
  2. "طلاق الحامل"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 6/6/2023. بتصرّف.
  3. ابن القطان الفاسي، الإقناع في مسائل الإجماع، صفحة 41، جزء 2.
  4. "حكم طلاق الحامل"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 6/6/2023. بتصرّف.
  5. فريق الموقع (15/5/2010)، "ما يلزم الزوج من النفقة على مطلقته أثناء الحمل وعلى الرضيع"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 7/6/2023. بتصرّف.
  6. ^ أ ب محمد المسند، فتاوى إسلامية، صفحة 269، جزء 3. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 115، جزء 3. بتصرّف.
  8. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 274، جزء 4. بتصرّف.
  9. "وقوع الطلاق إذا حصل في حيض أو طهر جامعها فيه"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 6/6/2023. بتصرّف.
  10. سورة البقرة، آية:229
  11. سورة البقرة، آية:230
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1471، صحيح.
  13. سورة الطلاق، آية:1
  14. "طلق زوجته وهي في النفاس عند إصرارها على الطلاق"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 6/6/2023. بتصرّف.