إنّ الصلاة ركنٌ من أركان الدين، وفضٌ على كلّ المسلمين، وهي من أجلّ العبادات وأعظمها قدرًا وأجرًا؛ لذا على المسلم أن يحرص على تأديتها كما أمر الله -سبحانه وتعالى-، ويلزمه لذلك أن يعرف أركانها وواجباتها، وما يتعلّق بها من أحكامٍ، ومن المسائل المتعلّقة بالصلاة: حُكم أدائها بالحذاء، وآتيًا بيان ذلك وبعض ما يتّصل به من مسائل.
حكم الصلاة بالحذاء
حكم الصلاة بالحذاء عمومًا
لا خلاف بين الفقهاء على جواز الصلاة بالحذاء، سواء كانت هذه الصلاة صلاة فرضٍ أو نفلٍ أو جنازةٍ أو غيرها، بشرط طهارته من النجاسة،[١] واستدلّ الفقهاء على جواز الصلاة بالحذاء، بأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فعل ذلك، كما جاء في سؤال سعيد بن يزيد لأنس بن مالكٍ -رضي الله عنهما-: (أَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي في النَّعْلَيْنِ قالَ: نَعَمْ)؛[٢] فقد ورد عنه -عليه الصلاة والسلام- أنّه صلّى بالنعل -أي الحذاء- أحيانًا، وصلّى حافي القدميّن في أحيانٍ أخرى.[٣]
حكم الصلاة بالحذاء في الوقت الحاضر
إنّ من الأمور التي تجدر الإشارة والتنبّه لها؛ أنّ المساجد في وقتنا الحاضر يختلف حالها عمّا كانت عليه زمن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ حيث كان المسجد في وقته -عليه الصلاة والسلام- يُغطّي أرضه الرمل، ويسير الناس في طرقاتهم على الرمل الطاهر، فلم يكن ثمّة حرجٌ من الدخول إليه بالحذاء والصلاة به، أمّا في وقتنا الحاضر؛ فإنّ المساجد مفروشَةٌ بالسجاد، وإنّ الأحذية قد تؤثّر على نظافة هذا السجاد وطهارته، فالأولى والأجدر بالمسلم أن يخلع حذاءه عند دخول المسجد، وألّا يُصلي وهو مرتدٍ له؛ حفاظًا على نظافة المسجد، ومنعًا من أذيَّة المصلّين الآخرين.[٣]
حكم الصلاة بحذاءٍ عليه نجاسةٌ
إنّ طهارة المكان والبدن والثياب وما يرتديه الإنسان شرطٌ لصحَّة الصلاة، فإذا وجد المسلم نجاسةً على حذائه؛ فإنّ عليه ألّا يُصلي فيه إلا بعد أن يزيله ويطهّر حذاءه، وتطهير الحذاء عند أكثر العلماء يحصل بدلكه بالتراب،[٤] وأمّا إذا صلّى المسلم ولم يعلم بوجود نجاسةٍ على حذائه؛ فإنّ صلاته صحيحةٌ عند جملةٍ من العلماء، وهو قول عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- وسعيد بن المسيب، وقولٌ عند الشافعيّ، وروايةٌ عن الإمام أحمد، وهو ما اختاره ابن تيمية،[٥] ومن الأدلة التي استدلّوا بها؛ ما رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (بينَما رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يصلِّي بأصحابِهِ إذ خلعَ نعليهِ فوضعَهُما عن يسارِهِ فلمَّا رأى ذلِكَ القومُ ألقوا نعالَهُم فلمَّا قضى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ صلاتَهُ قالَ ما حملَكُم علَى إلقاءِ نعالِكُم قالوا رأيناكَ ألقيتَ نعليكَ فألقينا نعالَنا فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إنَّ جبريلَ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أتاني فأخبرَني أنَّ فيهِما قذرًا - أو قالَ أذًى - وقالَ إذا جاءَ أحدُكُم إلى المسجدِ فلينظُر فإن رأى في نعليهِ قذرًا أو أذًى فليمسَحهُ وليصلِّ فيهِما).[٦][٧]
مواضيع أخرى:
المراجع
- ↑ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، صفحة 159-162. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:555، حديث صحيح.
- ^ أ ب موسى شاهين لاشين، فتح المنعم شرح صحيح مسلم، صفحة 183-184. بتصرّف.
- ↑ دبيان الدبيان، موسوعة أحكام الطهارة، صفحة 581-584. بتصرّف.
- ↑ "من صلى وعلى بدنه أو ثوبه نجاسة."، إسلام ويب، 9/11/2000، اطّلع عليه بتاريخ 11/8/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:650، صححه الألباني.
- ↑ "حكم الصلاة بالنعال"، إسلام ويب، 26/2/2001، اطّلع عليه بتاريخ 11/8/2022. بتصرّف.