ما حكم الصلاة على جنابة؟
يحرُم على الجنب فعل الصلاة؛ لأن الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة، فلا يجوز للجنب أن يصلي من غير غسلٍ، ما دام واجداً الماء ولا يخشى أن يترتب على استعماله له ضرر محقَّق،[١] واستدلّ أهل العلم على ذلك بعدة أدلة منها:[٢]
- قول الله -تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا)،[٣] حيث أمر الله -عزّ وجلّ- في الآية الكريمة التطهر عند أداء الصلاة، ويكون بالغسل للجنب.
- الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: (أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وعُدِّلَتِ الصُّفُوفُ قِيَامًا، فَخَرَجَ إلَيْنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا قَامَ في مُصَلَّاهُ، ذَكَرَ أنَّه جُنُبٌ، فَقالَ لَنَا: مَكَانَكُمْ ثُمَّ رَجَعَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا ورَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَكَبَّرَ فَصَلَّيْنَا معهُ)،[٤] ففي الحديث دلالة واضحة على عدم صحة الصلاة على جنابة، ووجوب التطهر والغسل؛ لفعله -صلى الله عليه وسلم-.
- أجمع أهل العلم على أن صلاة الجنب باطلة، ووجب عليه التطهر وإعادة الصلاة، ولو كان ناسياً،[٥] قال الإمام النووي في المجموع: "أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِ الصَّلاةِ عَلَى الْمُحْدِثِ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ سَوَاءٌ إنْ كَانَ عَالِمًا بِحَدَثِهِ أَوْ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا ، لَكِنَّهُ إنْ صَلَّى جَاهِلا أَوْ نَاسِيًا فَلا إثْمَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحَدَثِ وَتَحْرِيمِ الصَّلاةِ مَعَ الْحَدَثِ فَقَدْ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً عَظِيمَةً".[٦]
ما حكم إمامة الجنب في الصلاة؟
اتفق جمهور الفقهاء على أنه إذا صلى الجنب بقوم فصلاته باطلة، سواء كان عالماً بالجنابة حين دخوله في الصلاة أو ناسياً، فلا خلاف في ذلك، وعليه الإعادة اتفاقاً، لأنه محدث.[٧]
ما حكم مكث الجنب في المسجد؟
يحرم على الجنب المكث في المسجد ودخوله باتفاق الفقهاء الأربعة؛ لقول الله -عزّ وجلّ-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا)،[٨] ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: (وجِّهوا هذه البيوتَ عن المسجدِ فإني لا أُحلُّ المسجدَ لحائضٍ ولا جنُبٍ)،[٩] وقال الشافعية والحنابلة إلى إباحة العبور والمرور بالمسجد ولو لغير حاجة، خلافاً للحنفية والمالكية فلم يبيحوا ذلك.[١٠][١١]
ما حكم طواف الجنب حول الكعبة؟
يحرم على الجنب الطواف حول الكعبة، وهذا باتفاق المذاهب الأربعة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد رخصّ لعائشة أم المؤمنين -رضي الله عنه- عندما حاضت وهي في الحج أن تفعل جميع أعمال الحج إلا الطواف، فقال: (فَافْعَلِي ما يَفْعَلُ الحَاجُّ، غيرَ أنْ لا تَطُوفي بالبَيْتِ حتَّى تَطْهُرِي)،[١٢] فدل ذلك على اشتراط الطهارة للطّواف، وفي معنى الحائض الجُنُب والمُحدِث.[١٣]
المراجع
- ↑ "حكم صلاة الجنب بالوضوء فقط"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 31/7/2022. بتصرّف.
- ↑ دبيان الدبيان، موسوعة أحكام الطهارة، صفحة 251-253. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية:6
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:275، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1700. بتصرّف.
- ↑ "صلَّت وعليها جنابة نسياناً فهل تعيد الصلوات ؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 31/7/2022. بتصرّف.
- ↑ ابن القطان الفاسي، الإقناع في مسائل الإجماع، صفحة 144. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية:43
- ↑ رواه الشوكاني، في نيل الأوطار، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1/287، صحيح.
- ↑ "المطلب الثَّالث: المُكث في المسجد"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 31/7/2022. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 539-540. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:305، صحيح.
- ↑ "المطلب الثاني: الطَّواف"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 31/7/2022. بتصرّف.
