إنّ لقضاء الحاجة آدابًا وأحكامًا على المسلم التزامها ومراعاتها، وآتيًا بيانٌ لحكم قضاء الرجل لحاجته واقفًا وبعض ما يتّصل بهذا الحكم من مسائل.


ما حكم تبول الرجل واقفًا؟

يختلف حكم التبوّل واقفًا فيما إذا كان ذلك لعذرٍ أو دون عذرٍ، وآتيًا تفصيل ذلك.


حكم التبول واقفًا لعذر

يجوز أن يتبول الإنسان واقفًا لعذرٍ ولا كراهةٍ في ذلك؛[١] ففي الحديث الذي يرويه حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أنه قال: "كُنْتُ مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فانْتَهَى إلى سُباطَةِ قَوْمٍ، فَبالَ قائِمًا"،[٢] والمقصود بالسباطة: مكان تجمع التراب والكناسة، وهناك عدّة أوجهٍ في سبب قضاء النبي -عليه الصلاة والسلام- لحاجته قائمًا:[٣]

  • الوجه الأول: هو أن العرب كان تعالج وجع الصُّلْب بالبول واقفًا، والصُّلب فقرات الظهر،[٤] وربما كان رسول الله -عليه الصلاة والسلام- يعاني من هذا الوجع، وهو قول الإمام الشافعي.
  • الوجه الثاني: أن قضاء النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لحاجته واقفًا؛ لألمٍ في باطن ركبتيه، يمنعه من فعل ذلك قاعدًا.
  • الوجه الثالث: أن قضاء النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لحاجته واقفًا؛ لعدم وجود مكان يقدر فيه على التبوّل قاعدًا، فاضطر للتبوّل قائمًا.
  • الوجه الرابع: أنه لبيان جواز التبول واقفًا.


حكم التبول واقفًا بغير عذر

ذهب جمهور الفقهاء إلى القول بأنّ تبوّل الرجل واقفًا بغير عذرٍ مكروهٍ كراهة تنزيهيّة؛ لأنَّ ذلك يخالف هدي النبيّ عليه الصلاة والسلام؛[١]

ففي الحديث الذي ترويه أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "مَن حدَّثَكُم أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يَبولُ قائمًا فلا تُصدِّقوهُ، ما كانَ يبولُ إلَّا قاعدًا"،[٥][٦] كما ذهب ابن مسعود والشعبي وإبراهيم بن سعد،[٦] وقد ذكر ابن قدامة في كتابه المغني أنَّه ورد عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال: من الجفاء أن تبول قائمًا، وكان إبراهيم بن سعد لا يقبل شهادة من بال قائمًا.[٧]


الحكمة من كراهية التبول قائمًا لغير حاجة

يكره التبول واقفًا من غير عذرٍ؛ لأنّ ذلك قد يُؤدّي إلى تلويث الثياب أو البدن جراء تطاير رذاذ البول عليهما، كما أنّ التبول واقفًا ربما أدّى لانكشاف العورات؛ فالتبول قاعدًا أستر للعورة،[١] وفي الحديث الذي يرويه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنَّه قال: "أنَّهُ مَرَّ بقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ،فَقَالَ: إنَّهُما لَيُعَذَّبَانِ، وما يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ، أمَّا أحَدُهُما فَكانَ لا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وأَمَّا الآخَرُ فَكانَ يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ".[٨]


حكم التبول عند الأشجار المثمرة

نهى الشرع عن قضاء الحاجة أمام مرأى الناس، أو في طرقاتهم أو أماكن جلوسهم وتواجدهم، أو تحت الأشجار المثمرة أو قربها، أو في مورد المياه، أو على الشواطئ التي يأتيها الناس.[٩]


حكم استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة

ورد في الأحاديث الصحيحة تحريم استقبال القبلة واستدبارها في قضاء الحاجة وذلك في الصحراء وأماكن الخلاء، أمّا في البنيان والبيوت؛ فقد رأى البعض جواز ذلك؛ لأنّ البنيان يعدّ ساترًا للإنسان.[١٠]

المراجع

  1. ^ أ ب ت دار الافتاء الاردنية (23/4/2009)، " حكم البول قائماً"، دار الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 24/10/2021. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:273، صحيح.
  3. النووي، كتاب المجموع شرح المهذب، صفحة 84-85. بتصرّف.
  4. شكل...-,الصُّلْبُ : الشديدُ القوي.,ويختلف بذلك عن السائل والغاز . "تعريف ومعنى الصلب"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 08/11/2021.
  5. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:12، صحيح.
  6. ^ أ ب
  7. موفق الدين ابن قدامة، كتاب المغني لابن قدامة، صفحة 121. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1361، صحيح.
  9. إسلام ويب (7/9/2003)، "قضاء الحاجة تحت الأشجار المثمرة منهي عنه"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 25/10/2021. بتصرّف.
  10. سماحة الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله، "حكم استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة"، موقع سماحة الشيخ الامام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 24/10/2021. بتصرّف.