حكم تخفيف اللحية

دلت السنّة النّبوية القوليّة منها والفعليّة على وجوب إعفاء اللحية، ومن ذلك قول النبيّ عليه الصلاة والسلام: "خالِفُوا المُشْرِكِينَ أحْفُوا الشَّوارِبَ، وأَوْفُوا اللِّحَى"؛[١] ففي الحديث يأمرنا النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بمخالفة المشركين، والمقصود بهم هنا المجوس؛ لأنّهم كانوا يقومون بحلق لحاهم ومنهم من كان يُقصّرها، وممّا يجب التنبيه إليه إلى أنّ هناك فرقًا بين حلق اللحية وتهذيبها؛ فحلق اللحية حرامٌ عند جمهور الفقهاء، وفي حلقها مخالفةٌ لهدي النبيّ عليه الصلاة والسلام، أمّا تخفيفها؛ فهو محلّ خلافٍ بين أهل العلم؛ فمن أهل العلم من رخصّ الأخذ منها إذا تطاير شعرها، وكذا لو طالت عن حدّ القبضة كما كان يفعل ابن عمر رضي الله عنه، وممّا ينبغي التنبيه له أنّ الإسلام دين النظافة، وقد نبّه النبي -عليه الصلاة والسلام- على أنّه على المسلم أن يهتمّ بنظافة لحيته وترتيب مظهرها؛ فليس المراد من إعفائها إهمالُها، فقد روى جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه: "دخل عليهِ رجلٌ ثائرُ الرَّأسِ أشعثُ اللِّحيَةِ، فقال: أما كان لِهذَا دُهنٌ يُسكِّنُ به شعرَهُ؟ ثمَّ قال: يدخلُ أحدُكم كأنَّهُ شيطانٌ؟".[٢][٣][٤]


حكم صبغ اللحية

يُستحب تغيير لون الشيب بأي لون عدا السّواد؛ لعدم ورود دليل يحرّم صبغ اللحية، ولا يجوز للرجل صبغ لحيته بالسّواد ومن العلماء من قال بالكراهة؛ لما رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في ذلك من أمره بتجنب السّواد؛ لرواية جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّه قال: "أُتِيَ بأَبِي قُحَافَةَ يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: غَيِّرُوا هذا بشيءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ"،[٥] كما يحرم أن يكون في الصبغ تشبُّهٌ بالفسقة، فإنّه يحرم؛ لعدم جواز التشبه بهم.[٦]


حكم القزع

القزع هو حلق بعض الشعر وترك بعضه متفرِّقًا،[٧] أمّا حكمه؛ فقد اتّفق الفقهاء على كراهته، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: "سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَنْهَى عَنِ القَزَعِ، قالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: قُلتُ: وما القَزَعُ؟ فأشَارَ لَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قالَ: إذَا حَلَقَ الصَّبِيَّ، وتَرَكَ هَاهُنَا شَعَرَةً، وهَاهُنَا وهَاهُنَا، فأشَارَ لَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ إلى نَاصِيَتِهِ وجَانِبَيْ رَأْسِهِ. قيلَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ: فَالْجَارِيَةُ والغُلَامُ؟ قالَ: لا أدْرِي، هَكَذَا قالَ: الصَّبِيُّ. قالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: وعَاوَدْتُهُ، فَقالَ: أمَّا القُصَّةُ والقَفَا لِلْغُلَامِ فلا بَأْسَ بهِمَا، ولَكِنَّ القَزَعَ أنْ يُتْرَكَ بنَاصِيَتِهِ شَعَرٌ، وليسَ في رَأْسِهِ غَيْرُهُ، وكَذلكَ شِقُّ رَأْسِهِ هذا وهذا"،[٨] والحديث فيه نهيٌ عن القزع؛ فالصواب إمّا أن يحلقه كلّه أو أن يدعه كلّه، أو أن يقصّر من جميعه؛ لأنّ القزع فيه تشويه للهيئة، والكراهة مخصوصةٌ في الحلق، وأجاز بعضهم في قزع القصّة والمراد بها هنا شعر الصدغين، والنهي عن الحلق أمّا قصّ جوانب الشعر وتخفيفه فلا يُعدّ من القزع المحرَّم.[٩]

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:259، صحيح.
  2. رواه العراقي، في تخريج الإحياء، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:188، إسناده جيد.
  3. %1$s&ampshare=https://www.islamweb.net/ar/fatwa/387730/ "أحكام الأخذ من اللحية"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 24/11/2021. بتصرّف.
  4. %1$s&ampshare=https://islamqa.info/ar/answers/145512/حكم-تقصير-اللحية "حكم تقصير اللحية"، اسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 24/11/2021. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2102، صحيح.
  6. %1$s&ampshare=https://www.islamweb.net/ar/fatwa/23721/ "حكم صبغ اللحية بالألوان الشائعة حديثاً"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2021. بتصرّف.
  7. "معنى القزع"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 24/11/2021.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:5920، صحيح.
  9. %1$s&ampshare=https://www.islamweb.net/ar/fatwa/24367/ "القزع...تعريفه...وموقف الشرع منه"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2021. بتصرّف.