راعت الشريعة الإسلاميّة رغبة الإنسان ذكرًا وأنثى في التزيّن والتّجمّل، إلّا أنّها نظّمت هذه الرغبة وحكمتها بضوابط وشروطٍ، وفي هذا المقال حديثٌ عن شكلٍ من أشكال الزينة، وهو خرم الأنف لتزينه بأقراطٍ أو حلقٍ، وبيانٌ لحكمه ولأحكام أمورٍ أخرى ذات صلةٍ به.


حكم خرم الأنف

إنّ ثقب المرأة لأنفها جائزٌ إذا كان لقصد الزينة ولم يكن فيه ضررٌ عليها، وكان من عادة أهل بلدها، وقد نصّ على ذلك الحنفية والشافعية وقال به ابن عثيمين من المعاصرين؛ لأنّه للزينة وليس فيه تغيير لخلق الله، كما وليس فيه تعذيب؛ فالألم الذي يحصل منه ألم خفيف. أما إذا كان في ثقب الأنف تشبّه بالفاسقات، أو كان له علاقةٌ بطقوسٍ وثنيَّةٍ، فإنّه لا يجوز قطعًا؛ لأنّه تشبُّههٌ بهم، وقد ورد النهي عن التشبّه بهم في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "من تشبَّهَ بقومٍ فَهوَ منْهم".[١][٢]


وبناءً على ما سبق، يمكن القول إنّ إحداث المرأة لبعض الثقوب في جسدها بغرض الزينة مقيَّدٌ بشرطين، وهما:[٣]

  • الشرط الأول: ألّا تُظهر هذه الزينة لغير زوجها أو محارمها فيما يجوز لهم النظر إليه.
  • الشرط الثاني: أن يكون هذا الشكل من التزيّن منتشرًا بين أهل البلد وعادات النساء فيها، وألّا يكون فيه تشبُّهٌ بالفسقة.

أمّا بالنّسبة للرجل فيحرُم عليه تثقيب أي موضع بجسده؛ لأنّ في ذلك تشبّهً بالنّساء، وقد لعن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الرّجال المتشبّهين بالنّساء، وعدّ ذلك من أعظم الذنوب، لما روي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال:"لَعَنَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، والمُتَرَجِّلَاتِ مِنَ النِّسَاءِ، وقَالَ: أخْرِجُوهُمْ مِن بُيُوتِكُمْ قَالَ: فأخْرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فُلَانًا، وأَخْرَجَ عُمَرُ فُلَانًا".[٤][٣]


حكم خرم الأذن

إنّ تزين المرأة بما هو مباحٌ من الأمور الجائزة شرعًا ولا حرج فيها؛ فيجوز للمرأة ثقب أذنها؛ لتعليق الأقراط، وقد ثبت عن نساء الصحابة -رضي الله عنهنّ- أنهنّ كنّ يلبسن أخراصًا في آذانهنّ؛ بدليل حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه - في سياق موعظة النّبي -عليه الصلاة والسلام- لهنّ بعد صلاة العيد، قال: "فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِن حُلِيِّهِنَّ، يُلْقِينَ في ثَوْبِ بلَالٍ مِن أَقْرِطَتِهِنَّ وَخَوَاتِمِهِنَّ"،[٥] لا حرج على المرأة شرعًا في خرم أذنها ووضع الأقراط فيها وما تشاء من زينة، إن التزمت بالضوابط الآتي ذكرها:[٦]

  • أولًا: ألّا تُظهر هذه الزينة إلا لزوجها أو محارمها، فلا يجوز لها أن تظهرها أما الرّجال الأجانب عنها؛ لقول الله تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ).[٧]
  • ثانيًا: ألّا يكون فيما تضعه من الزينة على أذنها تشبُّهٌ بالفاسقات، أو كان ما تضعه شعارًا خاصًا بهنّ.

أمّا الرّجل فلا يجوز له خرم أذنه مطلقًا؛ لأنّ في ذلك تشبّه بالنساء المستحق للّعن والطرد من رحمة الله.

المراجع

  1. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:8574، حسن.
  2. "حكم ثقب الانف"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 22/11/2021. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "حكم ثقب الانف"، اسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 22/11/2021. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:5886، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:885، صحيح.
  6. "لا حرج في خرم أذن النساء للحلية دون الرجال"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 20/12/2021. بتصرّف.
  7. سورة النور، آية:31