حكم الإيلاء في الإسلام

اتّفق الفقهاء على تحريم إيلاء الزوج لزوجته؛ لأنّ فيه إيذاءً للزوجة، ولأنّه يمينٌ على ترك واجب،[١] وقد كان الإيلاء منتشراً في الجاهلية، وكانت المرأة تُحرّم على زوجها مدَّةً طويلة بمجرّد تلفّظه بالإيلاء، فجاءت الشريعة الإسلامية وأبطلت ما كانوا عليه من إطالة المدّة، بهدف إزالة هذا الظلم والضرر عن المرأة.[٢]


والإيلاء هو أن يحلف الزوج على ترك وطء زوجته للأبد أو لأكثر من أربعة أشهر، أي إنّ الإيلاء لا يتمّ إلا إذا توفّرت شروط معيّنة، وهي:[٢]

  • أن يكون الإيلاء من زوجٍ قادرٍ على وطء زوجته.
  • أن تكون الزوجة ممّن يمكن وطؤها.
  • أن يحلف بالله على ذلك بنية ترك وطء زوجته.
  • أن يحلف على ترك وطئها لأكثر من أربعة أشهر.
  • أن يحلف على ترك وطئها في القُبُل -الفَرْج-.


الحكمة من تحديد مدة الإيلاء بأربعة أشهر

كان الزوج في الجاهلية يحلف على ترك مجامعة زوجته مدّة سنة وسنتين وأكثر؛ بقصد الإضرار بها وتركها كالمعلّقة؛ فلا هي مطلّقة منه ولا هي زوجة له، فجاء الإسلام وجعل لذلك مدَّةً أقصاها أربعة أشهر، فهي المدّة التي تصبر عليها المرأة، هي المدة التي تكفي لأن يُراجع الزوج نفسه لعلّ وعسى أن يتوب ويُكفّر عن يمينه، ويرجع إلى نكاح زوجته، وإلا قضى القاضي بالطلاق، وبيان الآثار المترتبة على الإيلاء بتفصيلٍ أكبر فيما يأتي.[٣]


الآثار المترتبة على انعقاد الإيلاء

يترتّب على الإيلاء عدّة آثارٍ وأحكام، وأبرزها ما يأتي:[٤]

  • مدّة الإيلاء وحكم رجوع الزوج لزوجته في هذه المدّة

يُمهل المولّي الزوج الذي آلى من زوجته مدّة أربعة أشهر، لقول الله -تعالى-: (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)،[٥] فإن رجع الزوج إلى زوجته خلال هذه المدّة عليه أن يُكفّر عن يمينه، وكفّارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمَن لم يستطع فيصوم ثلاثة أيام، ويتوب إلى الله -تعالى- ويستغفره من الإثم الذي ارتكبه.


  • حقّ الزوجة في طلب رجوع زوجها عن يمينه أو الطلاق بانقضاء المدة

للزوجة حقٌّ في مطالبة زوجها بالرجوع عن يمينه ووطئها، فالإيلاء تحريمٌ لِما أحلّه الله -تعالى-، فيُستحبّ للزوج أن يستجيب لطلبها، فيُكفّر عن يمينه ويرجع إليها، فإنْ لم يفعل فلها حقّ طلب الطلاق منه بعد انقضاء أربعة أشهر، ويُستحبّ أن يستجيب لها رفعاً للضرر عنها، وإلّا رفعت الزوجة أمرها للقاضي وحكم بتطليقها، قال -تعالى-: (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).[٦]


وقد تعدّدت آراء الفقهاء في وقوع الطلاق بعد انقضاء الأربعة أشهر؛ هل يحصل مباشرةً بانقضاء المدّة أم لا بدّ من قضاء القاضي بذلك؟ وتعدّدت آراؤهم كذلك في نوع الطلاق؛ أهو رجعي أم بائن؟ وبيان أقوالهم فيما يأتي:[٤]

  • قول جمهور الفقهاء

ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى القول بعدم وقوع الطلاق بعد انقضاء مدّة الإيلاء مباشرة، بل للزوجة حينئذٍ الحقّ في رفع أمرها إلى القاضي حتى يأمر زوجها بتطليقها، فإنْ أبى حكم القاضي بطلاقها منه، ويكون الطلاق رجعيَّاً إلا إذا استكمل الزوج عدد الطلقات مع الإيلاء.


  • قول الحنفية

قالوا إنّ الطلاق يقع على الزوجة بمجرّد انقضاء الأربعة أشهر، فلا يتوقّف حصوله على رفع الأمر للقاضي، ويكون الطلاق في هذه الحالة طلاقاً بائناً.

المراجع

  1. "حكم الإيلاء"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 20/7/2023. بتصرّف.
  2. ^ أ ب صالح الفوزان، الملخص الفقهي، صفحة 402-403، جزء 2. بتصرّف.
  3. محمد عبد اللطيف قنديل، فقه النكاح والفرائض، صفحة 256-257. بتصرّف.
  4. ^ أ ب عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 119-121، جزء 5. بتصرّف.
  5. سورة البقرة، آية:226
  6. سورة البقرة، آية:226-227