حكم التاتو المؤقت للنساء

يُعرف التاتو المؤقت بأنّه رسم مؤقت يتمّ به صبغ الجلد عادةً؛[١] أو باستخدام مادة لاصقة تشبه الوشم التقليدي، لكنّه يكون خارج الجسم، لا داخله؛[٢] وهذا التاتو عند العلماء المعاصرين يأخذ حكم الحناء والخضاب؛ فقالوا بجوازه للمرأة دون الرجل؛ سواء للزينة أم للتداوي، على أن يقع ذلك ضمن ضوابط وشروط محددة؛ نذكر منها:[١]

  • أن لا يكون فيه وخز بالإبر كالوشم الحقيقي الدائم، بل أن يكون قائماً على صبغ الجلد فقط.
  • استخدام المواد الطاهرة.
  • أن لا يظهر هذا التاتو إلا أمام الزوج والمحارم؛ لأنّه من الزينة الظاهرة التي يُحرّم على المرأة إظهارها.
  • أن لا يترتب على المواد والأصباغ المستخدمة فيه أيّ الضرر والإيذاء؛ وننوه إلى أنّ كثيراً من الأطباء حذّروا من أثر بعض هذه المواد في الأمراض الجلديّة.[٢]
  • أن لا يترتب عليه تجمع الأوساخ والنجاسات؛ التي تمنع من وصول الماء إلى الجلد، في حال الوضوء أو الاغتسال.[٣]


وأضاف بعض أهل العلم شروطاً أخرى على ما ذكرنا؛ فاشترطوا في جواز التاتو للمرأة:[٤]

  • أن لا يلتصق لصوقاً دائماً.
  • أن لا يكون فيه تشبّه بأصحاب الملل الأخرى من غير المسلمين.
  • أن لا يؤدي وضعه إلى ارتكاب إحدى المحظورات الشرعيّة؛ ككشف العورات، أو النظر إليها، أو لمسها، ونحو ذلك.
  • أن لا يكون فيه تشبّه بالرجال.
  • أن لا يكون فيه تصوير لذوات الأرواح؛ ولا بأس بأن تكون صوراً لأشجار ونقوش أخرى.
  • أن لا يؤدي ذلك إلى الإسراف والتبذير.[٥]
  • أن لا يُقصد به الغش والخداع؛ بأن تكون في أجزاء محددة من الجسم، كالحاجبين والشفتين، ونحوهما؛ فتظهر على غير حقيقته.


حكم التاتو المؤقت للرجال

ذهب بعض الفقهاء المعاصرين إلى قياس حكم التاتو المؤقت للرجال على حكم الخضاب والحناء؛[١] ولقد ذهب فقهاء المالكيّة والشافعيّة والحنابلة -فيما يُستدلّ من قرائن مذهبهم- إلى عدم جواز اختضاب الرجل بالحناء؛ سواء في يديه أو قدميه، وقد استدلوا على التحريم بحديث التشبّه بالنساء؛ ففي الحديث الثابت عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: (لَعَنَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّسَاءِ، والمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجَالِ).[٦][٧]


إضافة إلى حديث الزعفران؛ فقد ثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (نَهَى النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ)؛[٨] وما النهي إلا لريح هذه النبتة ولونها،[٩] واستثنى القائلون بالتحريم ما كان لحاجة مُعتبرة شرعاً كالتداوي، أو إصلاح عيب أو دمامة تسبب للشخص أذىً عضوياً أو نفسياً؛ بينما ذهب الحنفيّة والحنابلة في مقتضى أحد أقوالهم إلى كراهة اختضاب الرجل في يديه.[٧]


وعليه، فقد أجاز بعض أهل العلم التاتو المؤقت للرجال في الحاجات المُعتبرة شرعاً للعلاج والتداوي، وإعادة بعض الأعضاء على هيئتها السويّة، وذلك ضمن الضوابط التي أشرنا إليها -باستثناء اشتراط إظهار أمام المحارم وعدّه من الزينة الظاهرة؛ لأنّ ذلك يختصّ بالنساء دون الرجال-، بالإضافة إلى تقدير الطبيب لثقة لمثل هذه الأمور، أمّا عدا ذلك فلا يجوز للرجال القيام به.[١٠]


حكم التاتو الدائم

اتفق الفقهاء على حرمة الوشم الدائم الذي يقوم على الوخز بالإبر، حتى يسيل الدم؛ ثم يتمّ حقن الجلد بمادة الكحل أو نحوها، فتصبغه بشكل دائم؛ ولقد دلّ على هذا التحريم قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لَعَنَ اللَّهُ الواشِماتِ والمُسْتَوْشِماتِ، والمُتَنَمِّصاتِ والمُتَفَلِّجاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّراتِ خَلْقَ اللَّهِ...).[١١][١٢]


ويُقصد بالواشمة التي تقوم صنع الوشم، وأمّا المستوشمة فهي التي تطلب صنع الوشم، فيلحق اللعن والطرد من رحمة الله -تعالى- كل من صنع الوشم، وكل من طلبه؛ سواء من الرجال والنساء،[١٢] وذهب بعض أهل العلم إلى إباحة الوشم الدائم للحاجات المُعتبرة شرعاً كما أشرنا إلى ذلك آنفاً؛ لأنّ الضرورات تبيح المحظورات، كما أباحه بعضهم إن كان من باب التزيّن للزوج بإذنه.[١٣]

المراجع

  1. ^ أ ب ت لجنة الإفتاء (11/11/2019)، "حكم وضع التاتو"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 4/4/2023. بتصرّف.
  2. ^ أ ب محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 7619، جزء 5. بتصرّف.
  3. ابن حجر الهيتمي، تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي، صفحة 187، جزء 1. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1124، جزء 20. بتصرّف.
  5. محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 7623، جزء 5. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:5885، صحيح.
  7. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 269، جزء 45. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:5846، صحيح.
  9. النووي، المجموع شرح المهذب، صفحة 294-295، جزء 1. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين، الدرر البهية من الفتاوى الكويتية، صفحة 318-319، جزء 11. بتصرّف.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:5943، صحيح.
  12. ^ أ ب كمال ابن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 66، جزء 3. بتصرّف.
  13. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 158-159، جزء 43. بتصرّف.