حكم الصلاة في الطائرة

حكم صلاة الفريضة في الطائرة

إذا سافر المسلم سفراً طويلاً وخشي فوات الصلاة قبل نزوله إلى المطار فقد أجمع أهل العلم على وجوب صلاته في الطائرة بقدر ما يستطيع من الركوع والسجود واستقبال القبلة، استناداً لقول الله -تعالى-: (فَاتَّقُوا اللَهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)،^[١] ولقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ)،^[٢][٣] وبذلك لا يُضيّع الصلاة وإلا أثِم.

وقد قال بعض أهل العلم: الأفضل للمسلم أن يؤدي الصلاة في وقتها، فإن أخّرها لحين نزوله إلى المطار مع علمه ببقاء وقتها فلا بأس في ذلك لعموم الأدلة،^[٤] وقيل: إذا كانت مدّة السفر قصيرة بحيث يُمكن أداء الصلاة في المطار قبل خروج وقت الصلاة فذهب العديد من أهل العلم إلى أنّ الأفضل للمسلم في هذه الحالة تأجيل الصلاة وأداؤها كاملةً في المطار.^[٥]

وبناءً على القول الأخير فلو أقلعت الطائرة من مكانٍ ما قبل غروب الشمس، ثمّ غابت الشمس فالأفضل للمسافر أن لا يصلي المغرب في الطائرة، بل يُصلّيها بالمطار عندما ينزل، فإن خاف خروج وقتها نوى جمع المغرب مع العشاء جمع تأخير وصلاهما بعد أن ينزل، فإن خاف خروج وقت العشاء عند منتصف الليل صلّى المغرب في الطائرة في وقتها بحسب ما يستطيع.^[٦]

حكم الصلاة بالطائرة إذا كانت ستنزل قبل خروج وقت الصلاة

مَن غلب على ظنّه أنّ الطائرة ستنزل قبل خروج وقت الصلاة بمقدارٍ يكفي لأدائها أو لجمعها مع الصلاة التي تليها إن كانت ممّا يُجمع فقد قال بعض أهل العلم بعدم جواز صلاة الفرض في الطائرة في هذه الحالة، أما أغلب العلماء فقالوا بجواز صلاة الفريضة بالطائرة حتى وإن كانت ستنزل قبل خروج وقت الصلاة، واستدلّوا بما يأتي:^[٧]

• النصوص الشرعية تأمر بأداء الصلاة في وقتها، فإن صلّى المسلم صلاة الفريضة في وقتها استصحاباً لهذا الأمر الشرعي جاز فعله.
• قول الله -تعالى-: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)،^[٨] فقد أشار -تعالى- إلى مركوباتٍ أخرى ستكون بعد زمن النبيّ الكريم وأصحابه، ومنها الطائرات، فلمّا كان ركوبها جائزاً كانت الصلاة فيها كذلك.
• القياس، حيث قاس أهل العلم جواز الصلاة في الطائرة على الصلاة في السفينة.

حكم القيام واستقبال القبلة في الطائرة أثناء صلاة الفريضة

يجب على المسلم أن يُصلّي الفريضة باستقبال القبلة، فيسأل في الطائرة عن اتّجاهها ويُصلّي في مكانه باستقبالها، ذلك أنّ ارتفاع الطائرة لا يمنع من استقبال جهة القبلة،^[٩] وقال بعض أهل العلم: لا يُصلّي المسلم الفريضة في الطائرة إذا لم يتمكّن من استقبال القبلة في جميع الصلاة، ويُصلّيها إذا نزل في المطار قبل خروج وقتها، أو يجمعها مع ما بعدها إن أمكن.^[١٠]

أمّا إذا خشي فوات وقت الصلاة؛ فيُصلّي في الطّائرة بحسب استطاعته، حتى وإن لم يتمكّن من استقبال جهة القِبلة في جميع صلاته ما دام لا وقت للصلاة إلا فيها،^[١١] أما فيما يتعلّق بالقيام في الصلاة فمَن كان قادراً عليه فلا يجوز له أن يُصلّي الفريضة جالساً، لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (صَلِّ قَائِمًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ)،^[١٢][١٣] فإن لم يستطع القيام جاز له أن يصلّيها جالساً، لقوله -تعالى-: (فَاتَّقُوا اللَهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).^[١][٤]

حكم صلاة النّافلة في الطائرة

أخّرنا الحديث عن صلاة النّافلة في الطائرة لأنّ أحكامها أخفّ من صلاة الفريضة، ويجوز للراكب أن يُصلّي النّافلة في الطائرة حيث كانت جهته، ولا يُشترط استقبال القبلة، لأنّه ثبت عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنّه كان يُصلّي النافلة على راحلته في السفر حيثما اتّجهت،^[١٤] ولا بأس للمسلم بصلاتها جالساً على المقعد، وحينها يومئ بالركوع والسجود، ويجعل إيماءه بالسجود أخفض من الركوع.^[١٠]