رعت الشريعة الإسلاميّة حقَّ الحيوانات؛ بالحثّ على الإحسان لها، وتحريم إيذائها، وشرعت من الأحكام ما ينظم تعامل الإنسان معها وانتفاعه بها، ولعلّ من أكثر الحيوانات الأليفة قربًا من الإنسان، وتواجدًا في بيئته ومحيطه: القطط، وفيما يأتي بيانٌ لأقوال العلماء في حكم بيعها، وعرضٌ لأدلتهم فيما اختاروه في المسألة من أقوالٍ.


حكم بيع القطط

تعدّدت أقوال الفقهاء في حكم بيع القطط، فمنهم من قال بجواز بيعها مطلقًا، ومنهم من قال بكراهة بيعها، في حين ذهب بعضهم إلى القول بحرمة بيعها، وفيما يأتي تفصيلٌ لهذه الأقوال مع ذكرٍ لقائليها وأدلتهم التي استندوا عليها.


القول الأول: جواز بيع القطط

ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة والشافعيّة والحنابلة إلى القول بأنّ بيع الهرَّة جائزٌ، واستدلّوا على ذلك بجملةٍ من الأدلة، وفيما يأتي بيانها:[١]

  • إنّ القطط طاهرةٌ، بدليل قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عنها: (إنَّها ليسَت بنجَسٍ؛ إنَّها منَ الطَّوَّافينَ عليْكم والطَّوَّافاتِ).[٢]
  • إنّ القطط ممّا يُنتفع به، وكلّ ما أباح الشرع الانتفاع به؛ فيجوز لصاحبه بيعه كالحمير والبغال.
  • إنّ ملك الإنسان للشيء يبيح له التّصرف فيه ببيعه.
  • إنّ البيع شرعًا طريقٌ للتوصّل إلى ما يريد الإنسان الانتفاع به وقضاء حاجاته، والهرّ قد يحتاجه الإنسان لقضاء بعض حاجاته وأموره؛ كتخليصه من الحشرات، واصطياد الفئران، وغيرها من المنافع والحاجات.[٣]


واشترط بعض المالكيّة لجواز بيع القطط أن يكون القصد من بيعها الانتفاع بجلدها، أمّا بيعها لمقاصد أُخرى؛ فلا يجوز، والراجح في مذهبهم الجواز مطلقًا، كما اشترطت الشافعيَّة لجواز بيع القطط أن تكون من القطط الأهليَّة، أمّا القطط الوحشيّة فلا يجوز بيعها؛ لأنّها ليست ممّا يُنتفع به.[١]


القول الثاني: كراهة بيع القطط

ذهب أبو هريرة -رضي الله عنه- ومجاهد وطاووس وجابر بن زيد إلى القول بكراهة بيع القطط، وهو قولٌ عند المالكيّة وروايةٌ عن الإمام أحمد، واستدلوا على قولهم بما رواه الزبير -رضي الله عنه- من قوله: (سَأَلْتُ جَابِرًا عن ثَمَنِ الكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ؟ قالَ: زَجَرَ النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- عن ذلكَ)،[٤] فحمل العلماء زجر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن بيع الكلب والسنّور على الكراهة،[٣] والسنور هو القطّ،[٥] كما استدلّ أصحاب هذا القول بأنّ أكل القطط مكروهٌ؛ فبيعها كذلك مكروهٌ.[١]


القول الثالث: حرمة بيع القطط

ذهب بعض العلماء إلى القول بحرمة بيع القطط مستدلّين بالحديث السابق ذكره، من أنّ النبيّ زجر عن بيعها، وفي روايةٍ أخرى أنّه نهى عن بيعها، من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّه قال: (نهى رسولَ اللهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- عن ثمنِ الكلبِ والسنَّورِ)،[٦] وممّن قال بتحريم بيع القطط ابن حزم، حيث حمل النهي الوارد في الحديث على حرمة بيعه، أمّا القائلون بجواز بيعه، فمنهم من حمل النهي على بيع القطط الوحشية لا القطط الأهلية.[٣]


المراجع

  1. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 265-268. بتصرّف.
  2. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:75، قال الألباني حسن صحيح.
  3. ^ أ ب ت دبيان محمد الدبيان (24/11/2010)، "مبحث في بيع القطط"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 23/8/2022. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن محمد بن مسلم المكي أبي الزبير، الصفحة أو الرقم:1569، حديث صحيح.
  5. "شرح حديث النهي عن ثمن الكلب والسنور"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 23/8/2022. بتصرّف.
  6. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1279، صححه الألباني.