حكم بيع ملابس النساء

ذهب جمعٌ من أهل العلم إلى جواز بيع ملابس النساء والاتجار بها؛ وأنّ المال العائد منها حلال لا شبهة فيه؛ سواء أكانت هذه الملابس ضيقة، أو قصيرة، أو نحو ذلك من الملابس؛ لأنّه يحلّ للمرأة لبسها في بيتها، أو أمام محارمها، والتجمّل بها لزوجها، وفي حال ارتدتها المرأة خارج بيتها، وظهرت فيها أمام الرجال الأجانب، ووقع منها التبرّج والسفور في ذلك، فشفّت أو وصفت أو جسّمت هذه الملابس شيئاً من مفاتنها؛ كان إثمها على نفسها لا على البائع الذي باعها هذه الملابس.[١]


لأنّ المولى -تعالى- قال في كتابه: (... وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ...)؛[٢] ولأنّها مأمورة بالستر والاحتشام، وضرورة إخفاء الزينة الظاهرة المنهيّة عنها؛ قال -تعالى-: (... وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا...)؛[٣] أيّ الوجه والكفين.[١] وقال بعض أهل العلم: إذا تيّقن البائع، أو غلب على ظنّه استعمال هذه الملابس في التبرّج والتزيّن على النحو المنهي عنه، كان هذا البيع محرّماً سدّاً للذريعة والمفسدة التي قد تنتج عن ذلك.[٤]


وقد اشترط أهل العلم القائلين بجواز بيع ملابس النساء بعض الشروط؛ التي يجب على البائع مراعاتها عند عمله وتجارته في هذا المجال، نلخصها على النحو الآتي:[١]

  • الالتزام بغض البصر، وعدم إطلاقه على النساء.
  • عدم الخلوة مع المرأة الأجنبية داخل المحلّ.
  • الحرص على عدم حدوث التلامس بين الرجل والمرأة أثناء البيع والشراء.
  • تجنّب عرض الملابس أو صورها بطريقة مخلّة وخادشة للحياء، مثيرة ومهيّجة للشهوات وللغرائز.
  • تجنّب الاسترسال في الأخذ والردّ مع النساء، مما يفتح أبواب الفتنة والخضوع بالقول.[٥]
  • يُستحسن أن تبيع النساء حاجات النساء؛ فإن تعذّر ذلك، ولم تأمن المرأة على خروجها لبيع أو عمل أو تجارة؛ جاز للرجال العمل في ذلك.[٦]


حكم النظر إلى ملابس النساء

أجاز أهل العلم النظر إلى ملابس النساء لمن كان له حاجةً في ذلك؛ كالرجل الذي يريد شراءها لزوجته لترتديها على الوجه المباح المشروع؛ أو كان ذلك من باب تفقّد البضائع، أو نحوها من الحاجات المُعتبرة في البيع والشراء؛ أمّا من لم يكن له حاجة بذلك فلا يجوز له إدامة النظر، وإطلاق البصر تأملاً وتخيلاً؛ لأنّ ذلك قد يؤدي إلى الغواية وتحريك الشهوة، ويفتح أبواب الشيطان ووساوسه، ويخدش الحياء ويُقلل المروءة، مما ينتج عنه العديد من الفتن والمفاسد العظيمة.[٧]


حكم ترويج وعرض ملابس النساء

يقوم العديد من أصحاب محلات الألبسة بالترويج لبضائعهم -النسائية تحديداً- من خلال الصور الفاضحة؛ التي تعتمد على استخدام أجسام النساء العاريّة كوسيلة للاتجار والامتهان والاستعراض، كما يقومون باستخدام ما يُسمى "المنيكان" المجسدة لتفاصيل جسم المرأة بطريقة دقيقة، ولقد تكلّم أهل العلم في حكم هذه الأمور وهذه الطرق؛ فقالوا بما يأتي:[٨]

  • حرّمت الشريعة الإسلامية العديد من الوسائل التي يُتوصل بها إلى أمرٍ محرّم، أو التي تُؤدي إلى ترك أمرٍ واجب؛ فتأخذ هذه الوسائل حكم التحريم -وإن كانت في أصلها مباحة- لأنّ الغرض والقصد منها الوصول للحرام.
  • عرض ملابس النساء والترويج لها على أبواب المحلات التجاريّة مباحة إن كانت ضمن شروط وضوابط محددة.
  • إنّ استعمال الصور الإباحية في ترويج البضائع أمرٌ محرّم؛ لأنّها تشتمل على الفحشاء والمنكر، وتدعو إلى الغواية والإغراء؛ لا سيما للرجال والشباب.
  • إنّ المجسمات التي تُستخدم في عرض الملابس؛ هي من التماثيل المحرّمة؛ خصوصاً إذا احتوت على كامل التفاصيل التي تتعلق بالعورة، والرأس، وباقي أعضاء الجسم.
  • إنّ نشر الصور الإباحيّة المشار إليها فيه نشر للفساد والرذيلة، وفيه إثارة للشهوات وكل ذلك داخل في باب التعاون على الإثم والعدوان؛ وقد قال -تعالى في ذلك: (... وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).[٩]
  • قد تدخل هذه الوسائل في باب حب إشاعة الفواحش بين الناس، وهذا يُعدّ من كبائر الذنوب؛ قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَءَامَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ).[١٠]
  • قد يؤدي اتخاذ ما أشرنا إليه من الوسائل المحرّمة إلى الدخول ضمن دائرة الكسب الحرام، والمال الحرام؛ الذي توّعد الله فاعله بالعقاب الشديد.

المراجع

  1. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، الدرر البهية من الفتاوى الكويتية، صفحة 195، جزء 5. بتصرّف.
  2. سورة الأنعام، آية:164
  3. سورة النور، آية:31
  4. محمد حسن عبد الغفار، القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه، صفحة 6، جزء 13. بتصرّف.
  5. ابن باز، فتاوى نور على الدرب لابن باز، صفحة 78، جزء 19. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 12356، جزء 12. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 2790، جزء 13. بتصرّف.
  8. حسام الدين عفانة، فتاوى يسألونك، صفحة 139-141، جزء 11. بتصرّف.
  9. سورة المائدة، آية:2
  10. سورة النور، آية:19